سبتة ومليلة أرضٌ مغربية تحت الاحتلال الاسباني منذ 600 عام

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

هل نسيتم سبتة و مليلية أم أنكم لا تعرفونهما أصلا ؟! سبتة ومليلية هي الأرض التي انطلقت منها خطة فتح الأندلس، هي الأرض التي عبر منها يوسف بن تاشفين لنجدة الأندلس بعد سقوط طليطلة، هي الأرض التي ظلت المكان الذي يعبر منه مجاهدوا المغرب لنجدة الأندلس، هي مركز انطلاق أسطول الموحدين غرب أفريقيا، هي أرض مسلمة مهما طال الإحتلال ، هي جرح قديم ظن البعض أنه شفى لكنه مازال ينزف ولا دواء له سوى الفتح مجددا، عند سؤال أحد الجنرالات الأسبان عن سبب تمسك إسبانيا بسبتة رغم عدم وجودها على أراضيها قال نخاف أن يظهر طارق جديد يأتي ليغزو الأندلس!

أعلم جيدا أن البعض قد يتساءل ما أهمية عرض تلك القضية في ذلك الوقت و إن الأمة الإسلامية كلها محتلة بإحتلال مباشر أو غير مباشر عن طريق الحكام الخونة وكلاء الغرب ؟! ولكن هل يسقط الحق بالتقادم ؟ هل سقط حقنا في تحرير فلسطين والجولان وسيناء؟! هل سقط حقنا في استرداد الأندلس؟! الإسلام الحقيقي هو الإسلام العالمي، الإسلام الذي يجعلك تشعر بالانتماء و المسئولية نحو كل موضع وطئه قدم أجدادنا الفاتحين.

كما أنه من المهم أن نحى ذكرى ضياع أراضينا لنعرف أن البعد عن كتاب الله و سنة نبيه و التقاتل على الحكم و الركون إلى الدنيا و كره الجهاد هو سبب ضياع أراضينا و اضمحلال حاضرنا و هواننا على الناس ، فاعتبروا يا أولي الألباب.

عندما نتحدث عن تلك القضية فنحن نتحدث عن أقدم احتلال على مر التاريخ يرجع إلي نحو 600 عام.

سبتة ومليلة جغرافيا:

تقع مدينة ‫‏سبتة‬ البالغ مساحتها حوالي 28 كيلومترا مربعا في أقصى شمالي المغرب على البحر الأبيض المتوسط وقد تعاقب على احتلالها البرتغاليون عام 1415 يليهم الإسبان عام 1580 ، وتحتل موقعًا استراتيجيًّا بالغ الأهمية، فهي شبه جزيرة مالطه على حوض البحر الأبْيض المتوسّط، وعلى بوغاز جبل طارق، يُحيطُ بِها الماء من الجهات الثلاث الشَّمالية، والشَّرقية، والجنوبيَّة، ولا يَفصِلها عن السَّواحل الأندلسيَّة سوى 21 كيلو مترًا‬.‬‬‬‬‬

كانتْ مدينة سبتة خلال القرْن السادس والسابع الهجري من أهم مراكز الحركة العلمية في السواحل المغربية، وبِخاصَّة أنَّ هذه المدينة أنْجبتْ أكبرَ شخصيَّة عِلمية مغربيَّة، هو القاضي عياض – رحمه الله – الذي ولد سنة 476 هجرية و قال عنه بعض المؤرخين أنه لولا القاضى عياض لكسر المغرب، كذلك أوَّل شخصية علمية في تاريخ الجغرافية، وهو الشريف الإدريسي السبتي المتوفى 562 هجرية، الذي وضع أوَّل خريطةٍ رسم فيها العالم، وبيَّن مواقعَ البلدان والبحار والأنهار والجبال، ثُمَّ شرح ذلك في كتابه “نزهة المشتاق” الذي قسم فيه الأرض إلى سبعة مناطق، وكل منطقة قسمها إلى عشرة أقطار متساوية.

أما مليلة الواقعة في الشمال الشرقي للمغرب والبالغ مساحتها 12 كيلومترا مربعا، فتديرها إسبانيا منذ عام 1497. وقد أصبحت المنطقة منذ عام 1992 تتمتع بصيغة للحكم الذاتي داخل إسبانيا بقرار البرلمان الإسباني عام 1995. وهي صيغة لا تتضمن إقامة برلمان مستقل، بل جمعية ثم مجلسا للحكومة ورئيسا، ويحمل النواب الـ25 في الجمعية صفة مستشارين.‬‬‬‬‬‬

أصل الصراع:

لم يكن تناحر أمراء الأندلس على السلطة و انتهاز الأعداء تلك الفرصة سبب فى سقوط الأندلس وحسب بل سقوط سبتة ومليلة أيضا، فبعد سقوط غرناطة آخر قلاع المسلمين فى الأندلس عام 1492م أطلق بابا الفاتيكان يد إسبانيا للسيطرة على الساحل المتوسط للمغرب، والبرتغال في الساحل الأطلسي. لم تكن دعوة بابا الفاتيكان تصرف شاذ بل كانت خطة ممنهجة فقد أوصت الملكة “إزابيلا” الكاثوليكية المذهب وصية نصت على ضرورة قيام الكاثوليك بغزو المغرب، وتحويل المسلمين المغاربة إلى النصرانية و رفع الصليب على تلك الأراضي.

محاولات الاسترداد:

يقول الفقيه “سيدي أبي العباس بن محمد بن عبد الرحمن البقالي”:

إن سقوط سبتة كان يوم الأربعاء (7 من جمادي الثاني 818هـ) الموافق 14/8/1415م، وبعد دفاع مرير من سكانها خرجوا واستقروا في القرى المجاورة، وخصوصا في القرية الواقعة على شاطئ ممر جبل طارق، بين سبته والقصر الصغير، وهم ينتظرون العودة إلى مدينتهم.

بعد سبعة أيام هاجم المسلمون، القوات الغازية وألحقوا بهم خسائر فادحة مما دفع الغزاة لطلب النجدة من البرتغال التي أرسلت جيشا يقوده طاغيتهم محمولا على 100 سفينة.

في عام 819هـ/1416م، أرسل أمير فاس القائد بن عبوا على رأس جيش عظيم حاصر به سبته لمدة 19 شهرا، إلا أنه لم يتمكن من اقتحام المدينة التي أقام بها البرتغاليون تحصينات هائلة.

ويضيف الفقيه البقالي: أن السلطان العربي عثمان بن إبراهيم الذي تولى الملك من سنة 800ـ 823هـ قد حاصر سبتة عام 821هـ/1418م من البر إلا أن الحصار لم يطل و اجبر الجيش على الانسحاب.

كانت هناك محاولات أخر كالتي قام بها القائد (صالح بن صالح العزيفي ) و عدة هجمات قام بها المجاهدين كان أعنفها هجوم سنة 833هـ/1430م، والذي استشهد فيه قائدهم مع 100 مجاهد آخر.

في 21 من ربيع الأول 841هـ الموافق 22/9/1437، قام البرتغاليون بهجوم بواسطة جيش جرار على رأسه طاغيتهم على طنجة، فحاصرهم سلطان فاس وأجبرهم على الاستسلام والأسر، فهادنه ملك البرتغال على أن يسمح لجيشه بالانسحاب سالما، إلا إن صالح بن صالح العزيفي حاكم طنجة، وحاكم سبته قبل الاحتلال لم يوافق إلا بإعادة سبتة للمغاربة، وأبقى ولي عهد البرتغال رهينة لديه لحين تنفيذ تسليم سبته، ولكن الرهينة مات قبل وصوله إلى فاس وقبل أن ينفذ البرتغاليون تسليم سبته.

من هذه المحاولات محاولة المولى إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي، إذ حاصر المسلمون في هذا الوقت مدينة سبتة ثلاثة وثلاثون عام ولم يقدّر لهم أن يفتحوها، وكذلك محاولة المولى محمد بن عبد الله عام 1774م محاصرة مدينة مليلة، ولكنها لم تكن أفضل من سابقتها.

من أبرز المحاولات المعاصرة هي ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي والحروب التي خاضها بين عامي1921 و1926 ضد القوات الإسبانية في شمال المغرب ، بعد محاولات الخطابي لا تجد أيّ جهد من حكام المغرب يذكر ،ما ذكرناه هو بعض المحاولات و ليس كلها و بالرغم من تعدد المحاولات على مر السنين إلا إنها باءت جميعها بالفشل و لله الأمر من قبل و من بعد.

المسلمون و متلازمة تصديق الغرب:

كعادة بعض المسلمين يصدقون عدوهم و يضحون بأرواحهم لو طلب المحتل فى مقابل أن يمن عليهم بالحرية و دائما النهاية معروفة، غدر العدو و ضياع الأراضي والأعمار هباء منثورا، فقد حاول الجنرال “فرانكو” تسخير سكان سبتة ومليلية لدعمه في حربه ضد حكومة الجبهة الشعبية، إذ وعدهم بمنحهم الاستقلال إذا ما تولى السلطة في إسبانيا، واستطاع بذلك تجنيد الآلاف منهم في الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936م و تغير الكلام بعد توليه السلطة، وليس هذا بغريب عليهم، وليس الاغترارُ بالوعود الكاذبة بغريب على المسلمين !

محاولات تنصير أراضينا:

بذلت إسبانيا جهودا متواصلة لطمس المعالم الإسلامية و تحويل مسلمي المدنتين عن دينهم فقامت قوات الاحتلال بقتل العلماء، ودكت الصوامع، وهدمت المساجد، وتحولت المدينةُ التي كانت مآثرُها تفوق مآثرَ القيروان إذ كان بها ألفُ مسجد ونحو مائتين وخمسين مكتبة إلى مدينة ليس فيها إلا مساجد قليلة و يذكر البعض انه لم يبقى سوا خمس مساجد فقط، وحرقوا الكتب وصل الأمر إلى منع استعمال اللغة العربية في سبتة، و لم يكتف المحتل بكل ذلك فقد وضعت إسبانيا إجراءات قانونية عدة للحد من هجرة المسلمين نحو المدينتين، بهدف محو الوجود الإسلامي بالتدرج، وشجعت في المقابل الهجرةَ الإسبانية حيث تزايد عددُهم في الستينيات والسبعينيات خصوصًا في مدينة سبتة، كما ضيقت على السكان المسلمين هناك ومنعتهم من تراخيص البناء وحاصرت نشاطاتهم الدينية والثقافية.

كما قامت إسبانيا بعمل تسييج للمنطقة الفاصلة بين مليلة ومدينة الناظور المغربية عام 1998 بشريط مزدوج من الأسلاك الشائكة بارتفاع يصل إلى أربعة أمتار وطول ستة كيلومترات.

دور الإتحاد الأوربي:

أما عن دور الاتحاد الأوربي فهو دور قذر كعادة كل المؤسسات الغربية التي تكرس للإمبريالية فبدأ الاتحاد يشرعن لاحتلال المدينتين فأكد على أحقية إسبانيا و أن حدود الاتحاد الأوربي تنتهى عند سبتة و مليلة، و بالرغم من بعد المدينتين عن بعض واتصالهما المباشر بالمغرب إلا أن الاتحاد وضع لافته مكتوب عليها أهلا بك في الاتحاد الأوربي.

تلك هي أراضينا و أرث أجدادنا الفاتحين فإن لم تكن أنت محررها فعاهد ربك على أن تربى ذرية يفتح الله بها قلوب العباد، و تحرر البلاد وتكسر الصليب وترفع راية لا إله إلا الله عالية خفاقة.


التعليقات