ماحدث من رجفة جديدة على المنطقة في بداية العقد الثاني من هذا القرن؛ وتمثلت في ثورات الربيع العربي، كان مفاجأة للغرب والقوى المهيمنة بكل ما تمثله من مؤسسات ومراكز تنبؤ وتحليل واستطلاع!
هذه المفاجاة تركزت تحديداً في بعض الجمهوريات الأكثر ثقافة وتعليماً وثقافة، والأعمق حضارياً بالمفهوم المادي بل والتاريخي الإسلامي، وقد أدت هذه الرجفة لما كنت كتبت عنه سابقاً مما أسميته بسياسة “بتر الأطراف” في مصر خاصة لمركزيتها الجغرافية وكثافتها السكانية ومحاذاتها المؤثرة لدولة العدو العنصري المحتل بأرض فلسطين.
وبتر الأطراف هذه تجعل مصير بلداننا وخاصة مصر غير مرتبط بالضرورة بالنظام الحاكم الذي لم يعد يكفي أن يكون تابعاً وعميلاً، فقد اثبتت الثورات إمكانية الإطاحة بها، لذا فمهما جاء من نظام بعد ذلك ومهما تعافت هذه الدول فقد تم تعجيزها وإقعادها.
وتمثل ذلك في تضييع مياه النيل كصنبور للمياه وعنصر استراتيجي معيشي وحضاري لأرض مصر، بالإضافة إلى المضايق التي أصبحت دولية بعد بيع تيران وصنافير وهو بعد جيو-سياسي خطير، والبعد الاقتصادي الجيو-استراتيجي بعد “وهب” حقول الغاز ومياهنا الإقليمية في المتوسط لأعدائنا.
وبتر الأطراف هذه تجعل مصير بلداننا وخاصة مصر غير مرتبط بالضرورة بالنظام الحاكم الذي لم يعد يكفي أن يكون تابعاً وعميلاً، فقد اثبتت الثورات إمكانية الإطاحة بها، لذا فمهما جاء من نظام بعد ذلك ومهما تعافت هذه الدول فقد تم تعجيزها وإقعادها.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد لجأوا لسياسة “الطعن في خاصرة الأمة” فيما تبقى من دويلات وممالك وإمارات الكرتون في الخليج العربي، وهي براميل النفط المعبأة بالمال، فهي الأكثر هشاشة مجتمعية ولكنها مرشحة لاختراقات متعددة وتمثل الحشو الشرقي للمنطقة العربية.
فكان لابد من نزع كل فتيل للأمان فيها، والعجيب أنهم بدأوا ببناء الكنائس وإقامة احتفالات عالمية لبابا الفاتيكان، وهرولة غير مسبوقة للتطبيع بكل وأبشع صوره وأنواعه، وهذا زرع للتنصير والتهويد في جزيرة العرب في خرق لأصل إسلامي بإخراجهم منها كبعد سياسي أمني قبل أن يكون شرعياً، كما أنه ذريعة للهجوم السياسي والعسكري والاقتصادي على أي نظام يحاول إعادة هذا الأمر لأصله!
التعليقات