تاريخ نشأة النظام الدولي
مؤتمر فرساي للسلام ١٩١٩
إذا انطلقنا من التجليات المؤسسية الأولى لما يسمى بـ “النظام الدولي” الراهن فسنتوقف عند الإعلان الرسمي عن تشكيل عصبة الأمم المتحدة التي تأسست بجهود الدول العظمى في أعقاب مؤتمر فرساي للسلام ١٩١٩، كانت نشأة استعمارية صارخة وأول تجلي لنظام النهب الرأسمالي ولكن بغطاء سياسي وأخلاقي بعد نهاية الحرب العالمية، ابتداء من 24/10/1945 في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية ظهرت هيئة الأمم المتحدة.
تفكك الاتحاد السوفيتي ١٩٩١
25 ديسمبر سنة ١٩٩١تفكك الاتحاد السوفيتي، فلم يكن تفككه إلا نوعًا من الفترة الانتقالية التي تميزت بهيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي برمته، فيما عرف بمرحلة الأحادية القطبية.
11 أيلول/سبتمبر ٢٠٠١
فجأة؛ ودون سابق إنذار قطعت وسائل الإعلام والفضائيات بثها المعتاد لتنقل ما يكاد يكون أضخم حدث هز العالم، إنه يوم ١١ أيلول/سبتمبر ٢٠٠١ الحدث الذي استهدف القطب الأوحد المسيطر على العالم، أما النتائج الممخضة عن هذه الهجمات فلم تكن إلا بداية لمرحلة جديدة دشنت ما يمكن تسميته بـ « النظام الدولي الأمني».
«إما معنا أو ضدنا!!!»
الربيع العربي
وبعد عشر سنوات أخرى قامت الثورات العربية فكانت محطة هامة في سياسة النظام العالمي لم يختلف النظام الدولي بالأمس عنه اليوم فهو منذ نشأة حتى الآن نظام إمبريالي متوحش
مرابط النظام العالمي
1- مربط القومية
أولًا في أوروبا: كانت أوروبا أول ميدان في الصراع على فكرة القومية أواخر القرن ١٨، وبعد الحروب الدموية والحراك السياسي انتهى الأمر بتفكك الإمبراطورية الأوربية إلي صيغ قومية؛ الفرنسيين، والإنجليز، وهكذا… ولان القومية قامت على أنقاض الكنيسة فهي معادية للدين بصرف النظر إن كان سماويًا أو محرفًا، فهي لا تقيم للدين أي وزن ولا تستعمله إلا في الحشد السياسي. ولكن الطريف أنها شابهت الكنيسة في استلهامها لإرث الحضارتين اليونانية والرومانية وحتى النصرانية، ولم تتخلى أبدا عن ثنائية الأسياد والعبيد، بل إنها أشد دموية من الدولة الدينية؛ فهي التي قادت حملات الاستعباد وقهر الشعوب، وهي من أفرزت قيمها حربين عالميتين وقنابل ذرية، كما زرعت أنظمة الاستبداد ورعتها، وفككت العالم الإسلامي وهدمت الخلافة.
فالدولة القومية لم تستوطن في بلادنا إلا بعد مطاحن دموية في أوروبا، وحروب عالمية وحشية، وتفكك العالم الإسلامي، وفرض نظام الهيمنة، وزرع إسرائيل، وتخريب للثقافة، وإقصاء بالغ العنف للدين.
2- المربط النصيري
عندما تفجرت الحرب العالمية الأولى حتى حلت دول الانتداب بلاد الشام، وعملت فرنسا على تسليم النصيرية البلاد، فقامت بإدخالهم في المؤسسات الحكومية في كل المجالات، حتى إذا ما شارفت على الرحيل عن سوريا يكون هؤلاء استوطنوا في المراكز الكبرى الحساسة في الدولة وتسلمهم السلطة دون عناء.
في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر ١٩٥٦ تراجعت فرنسا وانجلترا وتقدمت الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة المشهد، وتم تسليم حافظ الأسد السلطة ١٩٧٠ ومن هنا بدأت الطائفة تستحوذ على الدولة وحتى الأفراد، ثم اشتدت القبضة بعد الثورة في إيران ١٩٧٩.
يدعم النظام العالمي النصيرية وبقائها في السلطة فبالرغم من تلك المجازر التي أرتكبها النظام النصيري في الشعب يستمر النظام العالمي في دعمه بشكل كامل.
3- المربط اليهودي
إذا كانت قد حظيت النصيرية بدعم دولي أمني في بلاد الشام، فقد حظيت اليهودية بدعم عسكري في بيت المقدس، بدأت اليهودية في القرن ١٥ بالتعبير عن نواياها بالعودة إلى أرض الميعاد ووجه الإمبراطور نابوليون رسالة إلى اليهود في العالم عام ١٧٩٩ بالحشد للعودة إلى فلسطين، ثم الحركة الصهيونية بقيادة ثيودور هيرتزل في مؤتمر بال ١٨٩٧ وإعلان عن نيتهم لإقامة دولة يهودية في فلسطين، ثم وعد بلفور ١٩٠٧، فقد كان اليهود مشكلة كبيره في أوروبا فكان الحل هو الزج بهم في فلسطين لترتاح أوروبا.
4- المربط العقدي أو الحكم الجبري
من المفترض أن تمر الأمة بخمس مراحل:
- مرحلة النبوة ٢٣ عام
- مرحلة الخلافة الراشدة
- مرحلة الملك العاض
- مرحلة الحكم الجبري وهذه انطلقت مع بداية القرن ١٩ إلى يومنا هذا
- مرحلة الخلافة على منهاج النبوة
تعيش الأمة في مرحلة الجبرية من نهاية الحرب العالمية ١٩١٦ التي خضع العالم الإسلامي دفعة واحدة بعدها لسيادة ملل الكفر وفلسفتها الوضعية والهيمنة على كل الحياة منذ قرابة ١٠٠ عام. عمل النظام العالمي بعد إسقاط الخلافة على السيطرة على المنظومة العقدية بكل مدخلاتها ومخرجاتها وكان هو الأشد خطرا وفتكا بالأمة، فقد حطَّم الحكم الجبري كل المرجعيات الدينية والأخلاقية والقيمية والتاريخية، فأصبحنا أمة تابعة ممسوخة.
الخلاصة
المرابط ليس فقط معاهدات ومواثيق ولا دساتير ولا أشخاص يوالون النظام الدولي، بل هو قوة مادية تحظى بالحماية الدولية، ومنذ إقامة النظام الدولي إلى يومنا هذا. لم يكن من وظيفة المرابط الأربعة إلا المحافظة على الأمن والاستقرار، وأي إخلال في مواطن نظم المرابط إخلال في أمن النظام العالمي.
المصادر:
د. أكرم حجازي، مرابط النظام الدولي، منتدى المفكرين المسلمين ومركز العصر للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية 2016.
التعليقات