لأن عقلك نعمة عظيمة من الله فضلك بها عن سائر مخلوقاته، فمن غير المعقول أن تدع مهمة تشكيله في يد أعدائك، و يصبح مصدرك في تلقى المعلومات من خلال المؤسسات التي يسيطر عليها النظام العالمي سيطرة كاملة، كوسائل الإعلام و المناهج الدراسة و الأفلام و المسلسلات، عملت هذه المؤسسات على ضخ كم هائل من المعلومات المغلوطة، وتشويه متعمد للشخصيات التي تناصب النظام العالمي العداء، و تصوير الشخصيات حاملة التصور التغريبي السائرة في فلك النظام على أنها شخصيات وطنية و نماذج يحتذى بها!!.
بعد التقدم التكنولوجي و سهولة تداول المعلومات أصبح من الواجب عليك أن تبحث عن صحت كل معلومة تم تلقينك إيها، ونحن الآن نقوم بعرض حقيقة بعض الشخصيات كخطوة أولى على طريق تصحيح الأفكار وإعادة تشكيل الوعى.
رفاعة الطهطاوي:
درسنا في المناهج الدراسية أن الطهطاوي مفجر ثورة التطور و نقل العلم إلى مصر، لكنه في الحقيقة الثغرة الأولى التي نفذ منها الغربيون إلى مجتمعانا الإسلامي، دخل بلادهم شيخا وخرج منها إسلامي شكلا أوربي الهوا!، كان مغرما بالحضارة الغربية، يرى في الانحلال و الاختلاط تحضر، طالب بمنع تعدد الزوجات، و تحديد الطلاق، كان يرى أن الرقص الفرنسي أناقة ولابد من نقله لبلادنا، كان يقول (إن السفور والاختلاط ليس داعيًا إلى الفساد) ،كما طالببإنشاء المسارح والمراقص، يعتبر من أوائل من نشر وباء القومية في المجتمع المصري، و التأكيد على أن انتماء المصري لابد أن يكون للفراعنة لا للدين حيث قال عن رمسيس الثاني ” فرعون سيدنا موسى” (( فخر الدولة المصرية في الأزمان الجاهلية و مصباح تاريخها ))، كان يعرض في كتبه النظام الاقتصادي الغربي الربوي دون أي تعقيب في دلالة واضحة على إقراره تلك النظام، كان عض الخديوي إسماعيل الأيمن في الإفساد و التغريب، كان رفاعة القاعدة الأساسية التي انطلق منها كل المفسدين كـ سعد زغلول و لطفى السيد و قاسم أمين محمد عبده و الأفغاني .
محمد عبده:
كان اللورد كرومر يقول للخديوي عباس:
” اسمح لي أن أقول أنه مادام لبريطانيا العظمى نفوذ في مصر، فإن الشيخ محمد عبده يجب أن يكون هو المفتي حتى يموت”
تلك الكلمات كافية جدا لتعرف حقيقة محمد عبده ربيب الإنجليز، ذلك الرجل الذى يطلقون عليه” الشيخ ” كان عضوا في المحفل الماسوني كأستاذه الأفغاني، حيث أثبت احد تلاميذه حصوله على أوسمة ماسونية تقديرا لجهوده، كان من أهم رواد صالون الأميرة نازلي ” صالون الخراب”، وظهر في صور يخالط النساء الغربيات والخليعات من نساء مصر، عمل على تفريغ القرآن من محتواه، حيث أنه يفسر قول الله تعالى في سورة الفيل: ( وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ) (الفيل: 3 – 4) بأنها جراثيم الجدري أو الحصبة يحملها نوع من الذباب أو البعوض، و يفسر لقوله تعالى: ( مِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ ) بأن المراد هنا (النمَّامون المقطِّعون لروابط الألفة)، ولا ادرى من أين أتى بهذه التفسيرات العجيبة!!، وفي بعض فتاوى محمد عبده نجد محاولة لتأويل أحكام الفقه تأويلاً يتلاءم مع أهواء الحضارة الغربية، وتبرير واقعها، ومن أهم فتاواه في ذلك حِلُّ إيداع الأموال في صندوق التوفير وأخذ الفائدة عليها. تركت أفكاره الخبيثة أثر في تلامذته مِنْ بعده، فتضخمت في مجموعة منهم وصارت مضاعفة مكبرة، حتى خرج تلاميذه يفسدوا في المجتمع المسلم كل منهم في مجاله.
سعد غلول:
عندما تسير في شوارع الإسكندرية ترى تمثال سعد زغلول يقف في شموخ، وعندما تقلب في صفحات التاريخ تجده الثائر المناضل صاحب السيرة الطيبة، لكن هل فكرة مرة في حقيقة ذلك الرجل الذي تعمل أبواق النظام العالمي على تلميعه، ذلك الرجل الذى استخدمه الإنجليز في وأد المقاومة الحقيقية و اغتيال الثورة في مهدها.
كانت بداية سعد من صالون نازلي هانم، التقى هناك باللورد كرومر، و لطفي السيد، و مصطفي فهمى” والد صفية زغلول “، و محمد عبده وقاسم أمين وباقي رفاقه المستغربين، وبعد أن أصبح سعد نموذج مثالي للنخبة الوظيفية، عينه اللورد كرومر وزير للمعارف” وزارة التعليم”، قام سعد بتعديلات جزرية في المناهج الدراسة وكانت التغيرات مشارك فيها “دنلوب”، قدم سعد للإنجليزي خدمة جليلة جدا، فعمل على انتزاع الطابع الإسلامي في مقاومة المحتل، وتوجيه الناس إلى المؤتمرات الدولية و الحوار مع المحتل بدل المقاومة، حيث صنع من منعه من السفر لعرض قضية مصر على العالم، معركة فاصلة لإلهاء الشعب بضلالات ومعارك وهمية عن صلب المعركة.
كانت الثورة مشتعلة في كل أرجاء البلد و لم يكن سعد محركها، لأنه وقتها كان في المنفى، كانت التظاهرات تخرج من المساجد يقودها العلماء، لكن هذا الطابع الإسلامي للثورة أصاب” اللنبي” بالهلع، فعلم أن الحل يكمن في تفريغ الثورة من وقودها الحقيقي و هو الدين، فأرسل تقرير طويـــل إلى حكومته أبرز ما فيه:
“إن الثورة تنبع من الأزهر، وهذا أمر له خطورته البالغة، أفرجوا عن سعد زغلول و أعيدوه إلى القاهرة !”
عاد سعد إلي مصر رافعا شعار” الدين لله.. و الوطن للجميع”!، في إشارة أن الدين شيء شخصي ولكن الوطن لنا جميعا، و من غير اللائق أن تفرض هويتك الإسلامية على الثورة التي يشارك فيها شركائك في الوطن!، ومن هنا ظهرة شعارات الصليب و الهلال، ومحو عقيدة الولاء و البراء من ادمغه الأمة، و للأسف نجح سعد نجاحا كبير في مهمته، واستطاع أن يحول مسار الثورة من التحرر من الاستعمار إلى التفاوض، وخرج بكل بجاحه يقول للناس”الإنجليز خصوم شرفاء معقولون” و “خسرنا المعاهدة وكسبنا صداقة الإنجليز”، ولا ادرى أي صداقه تنشأ بين رجل من المفترض انه ثوري وبين المحتل!، وهنا تتجلى المصيبة الكبرى وهى غياب الوعى عند الشعب بعد أن فتن بجمال عبارات سعد، فأصبح الشعب يردد شعارات الحركة الوطنية و القومية، حتى سرقة الثورة، وضاع الدين! ، لم يقتصر دور سعد التخريبي في ضياع الثورة فقط، بل أخذ يساند رفاقه في اغتيال الهوية الإسلامية في المجتمع، فدعم قاسم أمين في أفكاره عندما نفر منها الشعب، فكان يظهر معه متعمدا في الشوارع ليضفي شرعية عليه، كمان كان داعم أساسي في خلع حجاب المرأة، في حادثة ميدان التحرير الشهيرة مع هدى شعراوي و زوجته، صفية زغلول أم المصريين، بنت مصطفي فهمى رئيس وزراء مصر في عهد الاحتلال، رجل الإنجليز في مصر.
قاسم أمين:
قاسم أمين قائد حركة تحرير المرأة، تحرير المرأة من دينها وحيائها وكل ما هو إسلامي، تحريرها لتضرب الأمة في العمق، والركن الرئيسي في تربية النشأ، حتى تخرج لنا أجيال على طراز غربي، سافر قاسم إلى فرنسا و اعجب بنموذج المرأة المتكشفة المختلطة بالرجال متخذه منهم أخدان، يقول في مذكراته انه التقى بفتاة فرنسية أصحبت صديقة حميمية له و نشأ بينهم علاقة عميقة، سهلة له التغلغل في المجتمع الفرنسي فعاد إلى مصر و قلبه ينبض عشقا بالحضارة الغربية، حمل على عاتقه مهمة سلخ المرأة من هويتها الإسلامية حتى تصبح كنظيرتها المتحضرة الفرنسية، ألف كتاب تحرير المرأة ركز فيه على قضية الحجاب و الاختلاط و تعدد الزوجات، و إن المرأة مساوية للرجل في كل شيء، و إن الحجاب ليس عائقاً عن التقدم فحسب بل هو مدعاة للرذيلة وغطاء للفاحشة في حين أن الاختلاط يهذب النفس ويميت دوافع الشهوة على حد قوله!. وقد حرص قاسم على تبرئه نفسه من تهمة الدعوة إلى تقليد الغرب في مناداته بهذه الفكرة مدعياً أن الدافع الوحيد هو الحرص على الأمة والغيرة على الدين والوطن، لكنه في كتابه الثاني المرأة الجديدة أظهر فكره الحقيقي وهاجم ثوابت الدين بلا مواربة، حيث قال فيه”
ليس من الممكن أن تصل المرأة إلى هذه المنزلة الأدبية مادامت في الحجاب ولكن من السهل جدا أن تصل إليها بالحرية كما وصلت إلي غيرها من النساء الغربيات
وقد ناصر قاسماً وأيده كثير من الزعماء والأدباء والصحفيين، مثل ولي الدين يكن الذي يقول من قصيدة له:
أزيلي الحجاب عن الحسن يوماً وقولي مللتك يا حاجبه
فلا أنا منك ولا أنت مني فرح ذاهباً ها أنا ذاهبة
منهم أيضا أحمد لطفى السيد، و محمد عبده الذى شاركه فى تأليف كتاب المرأة الجديدة، و سعد زغلول صاحب أبرز دور في خلع حجاب المرأة، و تبرجها هو و زوجته و هدى شعراوي، الذين كانوا يجتمعون في الصالونات الفكرية مع أصدقائهم الإنجليز يرسمون الخطط لاستدراج المرأة.
مصطفي النحاس:
يقوم الإعلام دائما بتصوير النحاس في صورة رئيس الوزراء الثوري المناضل، الذى تم اغتياله على يد الإرهاب الغاشم، لكننا لن نستفيض في سرد قصة حياة صاحبهم الوطني كثيرا، يكفيك أن تحكم بنفسك على النحاس من خلال مشهدين في حياته.
المشهد الأول: 4 فبراير 1942م ، حاصرت القوات البريطانية قصر عابدين بالدبابات، واجتمع قائدها جنرال “ستون “بالملك فاروق لإجباره على تكليف النحاس بتشكيل الوزارة، و بالطبع نفذ فاروق أوامر السيد البريطاني، وطلب من النحاس تشكيل الحكومة، لم يخجل الوفدي، تلميذ سعد باشا من طريقة تولية السلطة، وانه جاء على ظهر دبابات المحتل، فخرج بكل بجاحه يقول لفاروق في خطاب قبوله تأليف الوزارة:
“وبعد أن ألححت علي المرة تلو المرة والكرة بعد الكرة أن أتولى الحكم وناشدتني وطنيتي واستحلفتني حبي لبلادي من أجل هذا أنا أقبل الحكم إنقاذا للموقف منك أنت”.!!
المشهد الثاني: معاهدة 1936م، بعد اشتعال الثورة في البلاد، حاول حزب الوفد أن يحتوى الثورة، وينقلها إلى طاولة المفاوضات، فطالب بإجراء مفاوضات مع بريطانيا، ولقد اشترطت الإنجلترا أن تكون المفاوضات مع أحزاب معينة على راسهم حزب الوفد، الذى يديره النحاس، شملت الاتفاقية بنود عديدة، من أخطرها:
- تبقى القوات البريطانية في الإسكندرية 8 سنوات من تاريخ بدء المعاهدة.
- تظل القوات البريطانية الجوية في معسكرها في منطقة القنال ومن حقها التحليق في السماء المصرية.
- في حالة الحرب تلتزم الحكومة المصرية بتقديم كل التسهيلات والمساعدات للقوات البريطانية، وللبريطانيين حق استخدام مواني مصر ومطاراتها وطرق المواصلات بها.
فكانت اتفاقية تكرس لمزيد من الهيمنة و الذل، اتفاقية تمكن المحتل من استباحة أرضك وسمائك وخيرات بلادك.
تستطيع من هذبن المشهدين أن تحكم جيدا على شخصية النحاس عميل الإنجليز.
لم تتوقف القصة بموت هؤلاء، فانظر في المجتمع ستجد سعد، و النحاس، و قاسم حولك، هذه الشخصيات هي بمثابة جسر يعبر عليه المحتل إلينا، لانتزاع الهوية الإسلامية من وجدان الشعوب، لزرع الانحلال والسفور، و نشر القومية و التماهي مع الغرب، يستخدمهم العدو حتى يجعل من بلادنا مستعمرة تابعة له، سكانها بلا دين ولا عقل ولا إرادة للتحرر من الذل، فهم والعدو سواء فاحذرهم!
المصادر:
الفصل الرابع من كتاب دعوة المقاومة
التعليقات