من الأمور المهمة التي تستحق المدارسة والمذاكرة

من الأمور المهمة التي تستحق المدارسة والمذاكرة بين الإخوة باستمرار:

الأول:

أمر المعركة الفردية بين العبد والشيطان {إن الشيطان لكم عدوٌّ فاتخذوه عدوًّا} {إن هذا عدوٌّ لك ولزوجك؛ فلا يخرجنَّكما من الجَنة فتشقى} {يا بني آدم لا يفتننَّكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة} بحيث يضع الواحد هذه المعركة نصب عينيه؛ فهي حرب ضروس ضارية، تُستعمل فيها كل أنواع الأسلحة، لذلك جاء عن بعض السلف: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، ولكن العجب ممن نجا كيف نجا.

ففي حين نتدارس وسائل جمع الحسنات والبعد عن السيئات.. لابد أن نضع ذلك داخل سياق العداوة العنيفة بين الشيطان الذي أقسم على إضلالنا، واستعمل في ذلك كل أدواته وأرسل من أجله سراياه تعبث بعقولنا وتغذي نزواتنا، وبين بني آدم الذي كان سببًا في طرد إبليس من رحمة الله.

ولعل ذلك من أهم أسباب كثرة تكرار قصة آدم (عليه الصلاة والسلام) مع إبليس (لعنه الله) في القرآن.

الثاني:

ومن المهم هنا التفطن لطبيعة هذه المعركة التي لا ترحم من يسقط فيها بيد العدو، أو لم يهتم بتحصيل أدواتها ولم يستعد لها جيدًا.

أمر المعركة العامة والحرب العنيفة الشرسة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان على حكم هذه الأرض وبسط سلطان المولى عليها {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت} {فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة} {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يَدٍ وهم صاغرون}.

وبالطبع لابد أن نفهم هنا أن الحكم للراية المرفوعة، وليس بالضرورة تنزيله على كل شخص بعينه ممن يقاتل تحت هذه الراية.

لأن هذه الفتنة قد بدأت عندما وضع الاحتلال وكلاء “من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا” فلا عبرة آنذاك بما يظهر عليهم من مظاهر الإسلام كالأسماء واللباس والأفعال، بل لا تعنينا قضية الحكم عليهم فردًا فردًا، ويكفينا أنهم يقاتلون تحت راية المحتل الكافر.

ومن المهم هنا التفطن لطبيعة هذه المعركة التي لا ترحم من يسقط فيها بيد العدو، أو لم يهتم بتحصيل أدواتها ولم يستعد لها جيدًا.

فقد وصَلَنا نبأ أصحاب الأخدود وما فُعِل فيهم، كما عرفنا كيف “كان يؤتى بالرجل فيوضع المنشار عند مفرق رأسه، فيُجعل نصفين، ويُمشَط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه” وما قصص القدور والزيت المغلي، أو فتح الرأس من أعلى وترك الجثة للطيور الجارحة بغائبة عنّا.

ولنفهم جيدًا حقيقة الصراع الحالي بيننا وبين الطواغيت وأسيادهم وأذنابهم، ولا نغفل عن ذلك لحظة، لأن أعداءنا لا ينامون ولا يفترون عن الكيد والمكر بنا وبأُمَّتنا. ولعل ذلك أيضًا السبب في كثرة تكرار قصة موسى مع فرعون في القرآن.

وكذلك لا ينبغي أن يطغى أحد الأمرين على الآخر، فلا ننكفئ على الأمر الأول حتى نصير دراويش كالأيتام على موائد اللئام، ولا يستغرقنا الثاني حتى نُضَيّع حق قلوبنا من الباقيات الصالحات أو المصلحات المنجيات. فلا تمر على أحدنا ساعة إلا وقد ضرب بسهم هاهنا أو هاهنا.

ومما يسهل الأمر.. أن نعلم حقيقة ارتباطهما الوثيق ببعضهما:

فالعبد الصالح يبحث عن بيئة صالحة تعينه الدولة الصالحة عليها، والصلاح العام في ظل الدولة المنشودة يفتح أبواب المنافسة والتسابق على دخول الجنان.

والجهاد الإسلامي بحاجة لأهل الصدق والإخلاص والقريبين بِكُلّيَّتهم من الله ليكثر فيهم من لو أقسم على الله لأَبَرَّه.

ولننتبه للدور في هذه الآية: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} مؤمنون صالحون ⬅️ استخلاف وتمكين وأمن ⬅️ عبادة وتوحيد.

فلا غنى لأحدهما عن الآخر.

والله من وراء القصد.


التعليقات