حلب .. الشام .. والمسار السياسي بقواعد أممية .
هل تتجه سوريا إلى عراق جديدة ؟!
المتتبع للشأن السوري يلحظ تسابقا أمميا محموما على إنهاء الأزمة السورية ، وذلك من خلال ” مسار سياسي بقواعد لعبة أممية ” حقيقته المراد ترسيخها على الأرض هي ” إنهاء المسار الجهادي ” الساعي لتحرير الشام من الطغيان النصيري .
وللأسف فإن احتواء بعض من له سابقة جهادية ، وما زال يقاتل على الأرض ، هو احتواء سلبي مؤثر على واقع الجهاد عمليا ، حيث إن نزع أي لبنة من لبنات الجهاد – مع اختلاف التوجهات الفكرية بين الفصائل – هو إضعاف فعلي لبنائه في الواقع ، وتقوية لبناء المسارات السلبية البديلة ، وهو محاولة لشرعنة خطوات أممية مستقبلية ضد مصلحة الجهاد الشامي ، وترسيخ للفرقة بين الفصائل ، وإغراء لجر ” المتربصين ” حاليا المنتظرين للقفز في ” سفينة النجاة الأممية ” التي ستحميهم مستقبلا – ذلك ظنهم – من الاستئصال على خلفية ” الإرهاب ” .
حرق حلب .. من صميم المسار السياسي الأممي الإجرامي
وحرق حلب في هذا التوقيت على وجه الخصوص هو جزء لا يتجزأ من المسار السياسي الأممي الحالي ، حيث يحقق عدة أهداف ، منها :
١- صنع أمر واقع جديد ، بخلق بؤرة تفاوض مستجدة : ” هل حلب مشمولة باتفاق الهدنة ؟! وهل كل حلب جغرافيا وفصائليا أم إن هناك استثناءات ؟!
٢- تأكيد وتوسيع هوة الفرقة بين التيارات الجهادية والثورية الموجودة على أرض الشام عامة وحلب خاصة ، حيث الرهان على هرولة البعض إلى قبول هدنة شكلية بشروط جديدة – ربما تكون بضغط الداعمين الدوليين – تسهيلا لتوطيد دعائم الأمر الواقع الجديد .
٣- إضعاف الوجود الفعلي للتيارات الجهادية والثورية في حلب ، ومحاولة الضغط لاستبعاد التيارات والمجموعات ذات التوجه الفكري والمرجعي الإسلامي ، مستغلين حالة التنافر بين تلك الفصائل وفصائل أخرى تسعى لإقامة دولة ” ديمقراطية ” في سوريا ما بعد الثورة .
وناتج ذلك هو مخاطر وتحديات كبرى على مسار الجهاد في الشام كلها ، بسبب ما تمثله حلب من ثقل كبير في الشام تاريخيا واقتصاديا وسياسيا وجغرافيا .
٤- دفع سكان حلب للنزوح ، مما يساهم في تسهيل الاجتياح العسكري من جهة ، و سهولة التغيير الديموغرافي المستقبلي لصالح الشيعة والنصيرية وأذنابهم ، من جهة أخرى .
٥- تسهيل السعي المستقبلي لتثبيت أركان الحكومة المؤقتة ” العميلة ” المزمع تشكيلها من خلال المسار السياسي بالقواعد الأممية ، بما لحلب من أهمية استراتيجية – كما سبق بيانه – ، ولما هو موجود من مؤسسات فعلية مرعية رعاية ” فصائلية بدعم دولي ” في مدينة حلب وريفها ، لاسيما مناطق الثغور الحدودية مع تركيا .
حرق حلب هو عمليا من صميم المسار السياسي الأممي ، مستمرا في نفس الاتجاه ” التشبيحي ” الذي مارسته روسيا – وما زالت – منذ تدخلها واحتلالها لأرض الشام بالتنسيق مع الأمريكان ، بانتهاج سياسة” الأرض المحروقة ” لتشكيل واقع جديد ودفع الفصائل للاشتراك فيه مستشعرين خطورة المتغيرات الجديدة ، وساعين لمكتسبات تفاوضية ” موهومة ” ، متجاهلين النتائج السلبية للساحات السابقة التي انتهجت ذات المسار ، مع بعض المتغيرات الفرعية ، والنتيجة النهائية تبعية للنظام العالمي .
حرق حلب – باختصار – هو محاولة لتدشين الخطوات النهائية لقطف ثمرة الثورة السورية لصالح النظام العالمي وأذنابه ، وإنهاء الجهاد في سوريا ، وتثبيت دعائم نظام ديمقراطي علماني جديد .
عراق جديدة
والمخطط عمله بعد تدشين هذا النظام هو حربه ” بالوكالة ” على ” الإرهاب ” المتمثل في كل من يرفض التبعية للنظام العالمي وهيمنته على الواقع وسيطرته على بلاد المسلمين وخيراتها ، سواء كان الرافض أفرادا مستقلين أم مكونات من الفصائل المجاهدة الحالية المحسوبة على ” السلفية الجهادية ” أو غيرها من الفصائل والمجموعات الثورية الحقيقية .
وأيضا محاولة تشكيل كيانات ” مرتزقة ” جديدة ، تقاتل بالوكالة لصالح المحتل ، في محاولة استئصالية لذوي التوجه الجهادي والثوري .
سذاجة بعض النخب ما زالت واقعا ملموسا
ما زال الأعداء يتلاعبون ببعض النخب الثورية وبعض النخب المحسوبة على الفكر الإسلامي ، وما زالت تلك النخب مصرة على بعض الأخلال التأصيلية والمنهجية المؤثرة سلبا على ممارساتها الواقعية ، مع تغافل عن الاستفادة من التاريخ القريب جدا ، والتجارب السابقة ، لاسيما في العراق والبوسنة ، بل وتجارب الربيع العربي في دول الجوار !!
نصيحة وبيان
حماية المسار الجهادي المناوئ للطغيان ، والعمل على توحيد الصف وتنسيق الجهود الجهادية و الثورية الجادة لقطف ثمار حقيقية للثورة السورية ، وبناء شام جديد يُحكَم بشرع الله ، ومقاوم للمشروع الصهيوصليبي والصفوي ، هو واجب على المسلمين في أرض الشام وغيرها من بلاد العالم الإسلامي ، وهو مسئولية سيسأل عنها الجميع أمام الله عز وجل في الآخرة .
.
والثابت الذي لابد أن لا يغيب عن أذهان الكثيرين هو سنن الله الكونية والقدرية الغالبة ، ومنها :
” ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين “
” والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” .
وأخيرا : ينبغي على المتورطين في المسار السياسي الأممي الحالي مراجعة مواقفهم ، والتوقف فورا عن استكمال هذا المسار المضيع للثورة السورية فعليا ، وعدم الانجرار في أي مسار برعاية أممية وفي ظل مثل هذه الملابسات الواقعية التي تصب في غير مصلحة الثورة السورية والجهاد الشامي المبارك .
وعلى الحكماء من العلماء وطلبة العلم السعي للتوعية من مخاطر مثل هذه المسارات ، وجمع كل الغيورين على الجهاد الشامي لدعم موقف موحد للفصائل المجاهدة ضد المشروع الصهيوصليبي والصفوي في المنطقة .
كما إن هناك واجبا شرعيا في نفير المستطيعين لدعم الجهاد الشامي ، دفعا للصائل الكافر الذي ما زال صائلا على الدين والعرض والمال .
ولا يكفي أبدا الدعم العاطفي أو المؤقت ، ولابد من دعم مستمر بكل مستطاع ، وبسبل متنوعة على من هم خارج أرض الشام ، حتى لو بالكلمة والبيان والتحريض ” فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا “
هذه رؤية اجتهادية خاصة بي لما يحدث في حلب خاصة والشام عامة ، ربما تصيب وربما تخطئ .
التعليقات