الانقلاب الفاشل ودور العرب في تركيا

لفت انتباهي جدا بواب أحد العمارات في المنطقة التي أسكن فيها باسطنبول وهو ينادي على الناس بضرورة النزول للشوارع بعد لحظات من إعلان الانقلاب العسكري في تركيا، حيث خص العرب بنداء (انزلوا يا عرب، تركيا تضيع، أنقذوا البلد، أنتم شركاء في هذا الوطن، قفوا بجوار إخوانكم الأتراك).

ورغم أن مشاركة المصريين (فيما رأيت) كانت دون المستوى، إلا أن المشاركة العربية كانت ظاهرة وبارزة، ولعل الصورة المنتشرة للشاب المغربي الذي نام تحت جنزير الدبابة، ما هي إلا علامة على التواجد العربي -حتى في مواطن الخطر- ومع اتصالاتي بعدد من أصدقائي الأتراك تأكدت من رغبة الأتراك عموما في مشاركة كل الجنسيات على الأراضي التركية في مواجهة هذا الانقلاب الغاشم.

أكتب هذا الكلام والخطر ما زال موجوداً، وعلى العرب المقيمين في تركيا أن يستمروا في حالة الرباط ضد العدو المتربص، وألا يقبلوا أي دعوى تفصلهم عن إخوانهم المرابطين في الميادين وحول المؤسسات الحساسة.

لكن المعنى الأساس المقصود من هذا المقال، هو القضاء تمامًا على حالة الغربة التي يعيشونها إلى الآن -رغم طول فترة بقائهم هنا- وقد كانت هذه الحالة سببا في إصدار بعض القيادات المصرية تعليمات لأتباعهم بلزوم البيوت وعدم المشاركة في الحراك الشعبي المواجه للانقلاب!!

فلابد من كسر هذه الحالة التي تحول بين المرء وبين نصرته للحق، فضلا عن الأزمات والاضطرابات النفسية التي يمر بها، خاصة عند الأحداث الكبيرة التي يعتبر هذا الانقلاب أحد مظاهرها، وليس أولها ولا آخرها.

ومن الأخطاء التي أراها أحد أهم عوامل هذه الحالة هو موضوع انفراد العرب بمصلى خاص في الأعياد (الفطر والأضحى)
وقد ناشدت القائمين على هذا الأمر بإلغائه، وإعلان أن مصلى المسلمين واحد لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا تركي، وحيثما تيسر للمسلم الصلاة فليصل، ولا بأس بالاجتماع والاحتفال في المساجد الكبيرة كالسلطان أحمد والفاتح وأشباهها.

كما ينبغي أن يعتاد العرب على أداء الصلوات الخمس في المساجد (وإن وجدت بعض الأخطاء والاختلافات المذهبية).

ومن نافلة القول التذكير بأهمية الاختلاط بالجيران، وإبراز حق الجار الشرعي كما ورد في القرآن والسنة (السؤال عن الحال، عيادة المريض، المشاركة في المناسبات الاجتماعية الخاصة والعامة) وعدم إنكار ما يظنه منكرا إلا بعلم وحكمة، وقد يكون الإنكار بالقلب وتجنب المشاركة حال المنكر بأسلوب لطيف هو الخيار الأمثل.

كذلك عرض الخدمات فيما يحسنه الإنسان كالطبيب والمهندس والفني والمهني وغير ذلك من الأمور التي تكسر الحواجز وتفتح الأبواب المغلقة، وتكون سببا في علاقات اجتماعية سوية مفيدة لكلا الطرفين.

أيها العربي المقيم في تركيا..

إن المجتمع التركي وهو في طريق عودته لإبراز هويته الإسلامية يحتاج إليك في أمور عديدة، أهمها:-
1- تعليمه اللغة العربية.
2- مساعدته في فهم القرآن والسنة.

فليهتم كل عربي بهذه الأمور، وليضع نصب عينيه ولو خمسة من أصدقائه وجيرانه ويعقد معهم جلسة أسبوعية يفيدهم خلالها بشيء من ذلك (هذا للجميع) -وإلا- فالدعاة وأهل العلم ينبغي أن يكون لهم برنامج عملي منهجي واضح في هذا الإطار.

وأختم هنا بكلمة هامة ألا وهي: إن مسألة الجنسية مجرد أمر شكلي لا أكثر، فقد وجدت أناسا لا يحملون الجنسية التركية، لكنهم يعيشون الحياة التركية بكل تفاصيلها دون أي فرق أو حاجز يحول بينهم وبين ذلك، مع حرصهم على ثوابتهم الشرعية والأخلاقية، حيث لا تلازم بين الاندماج وبين الانسلاخ من الضوابط كما يدعي البعض، بل إن كثيرا من الأتراك متمسكون بهذه الأصول أكثر من بعض المجتمعات العربية.

والله من وراء القصد


التعليقات