يبدو أن متصدري المشهد الثوري في مصر مصرون على مساعدة خصومهم في إجهاض الثورة!!
فبعد أن ظهر للجميع أن شعار (الجيش والشعب إيد واحدة) كان أول عوامل الالتفاف على الثورة والإجهاز على مكتسباتها.. رأينا من يدعي أن الجيش الثاني مع الثورة، ثم يزعمون أن الرئيس المختطف في مأمن، حيث يقوم عدد من الضباط الشرفاء بحمايته، ومازالوا يحلمون (ويعلنون أحلامهم) بأن شرفاء الجيش مع الشرعية ويرفضون سقوط مصر وانهيارها، في إصرار واضح على عدم التفرقة بين الأماني والواقع.
وبالمناسبة.. أنا هنا لا أميل لقول أن الجيش المصري ليس فيه شرفاء، رغم عدم السماح للمتدينين بدخول الجيش ابتداء (تجفيف منابع الشرف)، أو المعاش المبكر لمن ظهرت عليه علامات التدين داخل الجيش (تصفية الشرفاء)، فإن هذه الأمور تؤدي إلى قاعدة -ولكل قاعدة شواذ- لكني أؤكد على أن هؤلاء الشرفاء قلة غير مؤثرة ولا فاعلة،
فهم بين محاصر لا يقدر، وبين مصلحي لا يرغب،،
وبالتالي يصبح الحديث عنهم والتعويل عليهم عبثا من القول والفعل.
بل إن بعض المتحدثين الآن باسم الثورة صار لا يتورع من قول: الجيش شريف ولكن يقوده مجموعة من الخونة،
يعني تحول الأمر من الحديث عن شرفاء الجيش للحديث عن جيش الشرفاء!!.
لكن الذي أريد أن أقوله بصراحة ووضوح هو أن الثورات في الأساس لا تحتاجها الشعوب إلا بعد تفشي الفساد في بنية المؤسسات الكبرى في الدولة، وخاصة (الجيش والشرطة والقضاء).
وهذا المعنى قد كرره كثيرا المناضل الذي يعرف المعنى الحقيقي للثورة حازم صلاح أبو إسماعيل.
فإذا كنت أيها المتحدث ترى أن الجيش شريف (يقوده عدد من الخونة) وأن الشرطة محترمة (فيها بعض العوج) وأن القضاء نزيه (يتصدره بعض الفسدة)..
لماذا تدعي أنك في ثورة، مع أن الأصل في الثورات هو الاستئصال والاجتثاث؟؟، لأنك بذلك تكون متناقضا، ولن يفرح بك أحد إلا عدوك، لأنه مطمئن بأنك لن تستطيع بناء قوة صلبة تحاربه وتسقطه، كما أنك ستقوم بتحويل دفة إي حراك استئصالي ليصبح في حجره تصالحيا تفاوضيا (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت)
ولا يظنن أحد أن هذه الطريقة مفيدة في تفكيك معسكر العدو، فالحقيقة أنه بذلك يتيقن من ضعفك، وأنك لا تستطيع أن تفعل شيئا بدونه، وبالتالي يظل متمسكا بموقعه في الجانب القوي، ولن ينحاز إليك أحد (من الشرفاء) منهم إلا أن يراك قويا قادرا على حمايته، أو يشعر بأنك قريب من تحقيق النصر فيفر خوفا من بطشك به.
وفي وسط عالم لا يعترف إلا بالقوة، أنصح بامتلاك أدواتها، وبعد ذلك -أيها الثائر- لك أن تصنف الآخرين (شرفاء، أوفياء، وطنيين…. إلخ) وتعفو عمن تشاء وتعاقب من تشاء.
التعليقات