الغرب مقبرة المبادئ لم يزل يرمي بسهم المغريات الدينَ
الغرب مقبرة العدالة كلما رُفِعت يدٌ أبدى لها السكينَ
الغرب يكفر بالسلام وإنما بسلامـه الموهوم يستهوينا
الغرب يحمل خنجراً ورصاصة فعلامَ يحمل قومنا الزيتونَ
هذه أبيات من قصيدة لطالما سمعتها من أحد الدعاة (الوسطيين حاليا) استحضرتها عندما قرأت مقال الدكتور عمرو دراج بعنوان: “خذلان الغرب لمصر سوف يكون حصاده مرا” وفي الحقيقة لم أفهم مراده من المقال..
أهو استجداء مقنع ، أم تهديد لطيف ، أم جمع بين هذا وذاك؟؟؟
ففي الوقت الذي أصبح فيه كل مسلم على وجه الأرض عالما بأن مراد الساسة الغربيين هو استئصال الحركة الإسلامية من جذورها ، وعلى الأخص الحركة السنيّة،،
نعم.. في الوقت الذي يعلن الغرب فيه عداءه الواضح للحركة الإسلامية السنية التى تسعى لأن يُحكَم المسلمون بعدل ورحمة الإسلام؛؛
وفي هذا الوقت تخرج كتابات وتصريحات توهم بأن الأصل عند الغرب هو العدالة والقيم والمبادئ!!!
وكأنه فقط خالف القيم والمبادئ في مصر ، وآخر يقول: في العراق ، وثالث يقول: في سوريا ، ورابع يقول: فلسطين ، وخامس: اليمن ، وسادس: بورما وإفريقيا الوسطى ، وسابع وثامن وعاشر ، وقديما وحديثا،،،، إلخ
وكأن كل واحد من هؤلاء ينظر بجزء بسيط من عين واحدة حتى لا يرى الصورة على حقيقتها -التي هي-
الغرب كافرٌ بالسلام ، الغرب مقبرة العدالة ، الغرب مقبرة المبادئ.
وأنا لن أستدل هنا على أن المجتمع الدولي تحت قيادة أمريكا وحلفائها يحاربون الإسلام حربا صريحة واضحة؛
ولن أستدل على أن النظام العالمي قد نحى القيم والمبادئ جانبا وجعل لغة مصالح الدول العظمى هي الحكم بين الدول والشعوب،، فهذه أمور أصبحت ملأ السمع والبصر للعالم والجاهل ، للصغير والكبير.
لكني أذكّر الدكتور عمرو -الذي لا أشك في إخلاصه ووطنيته- أن الثورة أصلا قامت على حكام نسميهم جميعا (خونة وعملاء) وهدفها الأساس هو اختيار حاكم صالح عادل وطني وشريف ، فإذا لم يكونوا خونة وعملاء للغرب والمنظومة الصهيوأمريكية فلصالح من إذن يخونون أوطانهم وشعوبهم؟!
وبما أنهم يخونون أوطانهم وشعوبهم لصالحهم فماذا نتوقع منهم؟!؟!
وأذكّره أيضا بأن الثورة لن تنتصر إلا إذا خرجت من عباءة الغرب وكانت صاحبة قرارها وحققت مكتسباتها بسواعد أبنائها ، ولذلك فأنا أرفض رفضا قاطعا هذه الجملة التي ذكرها الدكتور في مقاله حيث قال: “إن الذين مازالوا قابضين على الجمر متمسكين بأفكار وأحلام ثورة 2011 – في الحرية والعدالة – بحاجة بكل تأكيد لأن يدعموا ويؤيدوا لا أن يُتخلى عنهم” لا يا دكتور عمرو ، لسنا بحاجة إلى دعمهم ولا تأييدهم ، بل نعتبر دعمهم وتأييدهم وصمة عار نبرأ إلى الله وإلى أمتنا منها ، ونعلم يقينا أن ما فعلوه من تقديم التهاني لنا بعد ١١ فبراير ما كان إلا بداية التفاف وخداع لاحتواء الثورة وتفريغها من مكتسباتها وليس احتفاءً بها.
وبالمناسبة: هذه الجملة من شأنها -إذا تبنتها جماعة الإخوان أو تبناها المجلس الثوري المصري- أن تفقد الحراك الحالي تأييد شريحة كبيرة من أبناء مصر ، وسيسوقها إعلام الانقلاب على أنها استجداء من قيادات الإخوان للغرب.
إنني أؤكد أن قرار الانقلاب على أول رئيس منتخب في مصر قد اتخذ أولا على موائد الغرب قبل أن يتم تنفيذه داخل مصر ، وما ذلك إلا لأنهم يرفضون ظهور نماذج حكم إسلامية رشيدة من شأنها أن تعيد أمة الإسلام إلى مكانها الطبيعي في مقدمة الأمم.
التطرّف!!
أحزنني كذلك في مقال الدكتور عمرو أنه اتهم الشباب الذي بدأ ينتصر لنفسه ويأخذ حقه بيده ويدافع عن دمه وعرضه وماله بأنه “غاية التطرف” وكأنه يدعو الناس أن تموت وتنتهك حرماتها بلا ثمن!! وكأنه يقول لهم: انتظروا حتى يأتيكم الغرب (عدوكم) بحقوقكم ، وكأنه مازال يسترضي الغرب بتسمية ذلك تطرفا -بل يسميه- “فكر خطير يتأسس على الحقد والكراهية والشعور بالظلم والمهانة”!!!.
يا دكتور عمرو.. اقرأ قوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} حتى تبتعد عن مثل هذه التوصيفات الجائرة ، وإن لم تتمكن من إضفاء الشرعية على مثل هذا العمل حتى لا تُتهم بدعم التطرّف والإرهاب ، فلك أن تسكت عنها متمثلا قولة القائل: لم آمر بها ولم تسؤني.
يا دكتور عمرو.. الحقد والكراهية يملآن قلوب من تخاطبهم {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم} ، {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}
أما نعتبر يا دكتور عمرو من تجربة إخوان العراق ، وما أصاب عموم أهل السنة فيه ، رغم تقارب الإخوان هناك مع الأمريكان؟!
أستاذنا المحترم/ الدكتور عمرو: لو خرج هذا الكلام من رئيسة الأرجنتين أو من برلماني غربي أو حتى من الرموز الليبرالية المناهضة للانقلاب لكان مقبولا ولأصبح تمريره سهلا ، أما أن يخرج من وزير في حكومة د. هشام قنديل (المحترمة) وهو في ذات الوقت قيادة سياسية في جماعة ترفع شعار (الإسلام هو الحل) وترفع راية (وأعدوا).. فهذا يقتضي الرد والنصح لمن نحبهم ونتمنى لهم كل خير ، خاصة في ظل المحنة الحالية التي يتعرض خلالها قيادات العمل الإسلامي عامة وعلى رأسهم الرئيس الدكتور/ محمد مرسي للقتل والتصفية على أيدي عصابة العسكر المجرمة ، ولهذا فقط كتبت هذه الكلمات ، عسى أن تجد آذانا واعية وقلوبا صافية.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه ، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
والله من وراء القصد
التعليقات