الأنظمة العميلة والثورات الشعبية

[عندما تنحصر الخيارات بين الخطير والمؤلم]

عندما يصاب الإنسان بمرض قلبي أو بورم سرطاني أو بتليف كبدي، فإنه غالبا لا يشعر بالألم إلا عند تأخر حالته جداً، وأحيانا يكون الألم نتيجة بعض المضاعفات التي تسبب فيها المرض الأصلي.. رغم خطورة هذه الأمراض،
لكنه عندما يصاب بجرح قطعي أو بكسر عظمي….. إلخ، فإنه يشعر بألم شديد جداً عند بداية الإصابة.. رغم بساطة هذه الإصابات، (لاحظ الفرق بين التسميات، أمراض – إصابات)
فالأولى شديدة الخطورة مهما خف ألمها ، والثانية شديدة الإيلام مهما ضعف خطرها،،

هذا بالضبط ما تمثله الأنظمة العميلة التي وضعتها دول الاحتلال كي تحكم (نيابة عنها) بلادَ المسلمين، فهي أمراض خطيرة لأقصى درجة، وانظر (على سبيل المثال) إلى حالة الفرقة والنزاع التي تسعى هذه الأنظمة لتجذيرها بين المسلمين وبعضهم ، والله عز وجل يقول: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} ، في الوقت الذي تبذل فيه قصارى جهدها من أجل تخريب عقيدة الولاء والبراء بين المسلمين والكافرين!!

ولك أن تتصور ما أصاب أمة الإسلام بعد ضياع معاني {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} ، {إنما المؤمنون إخوة} ، “المسلم أخو المسلم” ، {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} ، {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء}….. إلخ النصوص المتعلقة بالولاء والبراء ، وما فيها من مصالح قد ضيعناها ومفاسد قد جلبناها جراء غياب العمل بهذه النصوص؛

هذا بالطبع فضلا عن الانحراف الأخلاقي والفساد المالي والإداري وغيرها من الأمور التي جعلتها هذه الأنظمة أمورا مألوفة عادية غير مستنكرة في مجتمع مسلم.

وعندما تبدأ الشعوب في الانتفاضة على هذه الأنظمة، فإنها تصاب بالجروح القطعية والكسور العظمية (مثالا وحقيقة)، بل إن الدول المنتفعة من وجود هذه الأنظمة تسعى لإبراز كل جوانب الألم الذي يصيب الجميع (مشارك وغير مشارك في الانتفاضة) حتى يتوقف المشارك ويتصدى له غير المشارك، وبالتالي يتم إجهاض الانتفاضة، أو الرضا بفتات من المكاسب التي تبرر التوقف السريع عن الاستمرار في المواجهة، وسريعا ما يتم القضاء على هذا (الفتات) بل تنقلب إلى خسائر (فهم كالفيروس الذى إذا حاولت علاجه فلم تقضِ عليه عاد أنشط مما كان) حتى تبقى العبرة لكل من يفكر في علاج المرض بأنه سيصيب نفسه بأمراض جديدة (إصابات) دون علاج المرض الأصلي.

وهذا بالضبط ما حصل أثناء الثورات التي قامت ضد دول الاحتلال منذ عدة عقود من الزمان.

والعاقل هو الذي يتحرك بحكمة لعلاج مرضه الخطير مهما كان العلاج مؤلما، وخاصة عندما يعلم أنه ليس هناك أخطر من حالته التى وصل إليها؛؛
لذا: فلابد أن تتكاتف الجهود لعلاج المرض مهما كان قدر الألم، وليس في الاستسلام له، أو إعطائه الفرصة ليتوغل أكثر في جسد الأمة ، فوقتها ستكون كلفة العلاج أعلى والألم أشد ، فضلا عن لعنات الأجيال اللاحقة لنا لأننا ساهمنا (بسكوتنا أو تراجعنا) في توغل هذه الأمراض وتمكنها من جسدنا.


التعليقات