الربيع العربي..دروس غير مستفادة

التجربة المصرية أو التونسية أو السورية أو غيرها، هناك من يتعلم منها ويستفيد..وهناك من لا يتعلم ولا يستفيد..وهناك من يخرج بنتائج خاطئة ليست تعلما ولا استفادة إلا في خياله..
الذين -مثلا- يتعلمون من التجربة المصرية أن الخيار الديمقراطي كم يسمونه كان خاطئا هم في الحقيقة لم يتعلموا الدرس بشكل صحيح..وأنا أعتبر أنه من الضعف الفكري والشرعي أن تحكم على صحة مسار أو خطأه بشكل رجعي معتمدا على فشل التطبيق فحسب..وتقييم الأمور أعقد من تلك السطحية..

والحقيقة أن الخيار الديمقراطي كان وهما وخطئا لجماعة بعينها من الناس. وهم من:

– ظنوا أنه يصلح كطريق تغيير أو إقامة كلية -أو شبه كلية- للشريعة، ولم يفهموا دوره المحدد كخطوة مهيئة
– وظنوا أنه يمكن الاعتماد عليه كمسار أوحد دون مسارات أخرى داعمة
– لم ينطلقوا من أساس شرعي منضبط يفهم التعارض الحتمي بين الإسلام وبين الديمقراطية

أما الذين انطلقوا من:

– كون الديمقراطية هي الخيار المتاح لتحصيل أفضل ما يمكن تحصيله وتهيئة الواقع لخيارات أفضل
وفهم صحيح لقضية الديمقراطية وحدود الشرع في استعمالها كوسيلة في الواقع والحفاظ على الأصول والثوابت حاضرة دائما (على الأقل كوعي وفهم)
فهؤلاء لم يخطئوا في الحقيقة!

وهناك سؤالان أساسيان:

– في ضوء الواقع الجديد بعد الانقلاب والتجربة التي مررنا بها، لو عدنا للحظة إعلان حازم ترشحه للرئاسة أو للحظة ترشح مرسي ضد شفيق، هل كانت خياراتنا الواقعية ستختلف في دعم حازم ثم مرسي؟

إذا كانت إجابتك بلا، فما هو البديل الواقعي -وضع خطوطا تحت الواقعي- في رأيك؟

-السؤال الأهم:

هل النجاح الواقعي يعتمد بالضرورة في أي تجربة على طبيعة المسار نفسه فقط (ديمقراطي-مسلح-الخ)؟

من يستعملون هذه الطريقة في التفكير لا يتعلمون ويستخلصون النتائج بشكل صحيح..لأن الواقع يقول أن تجربة تركيا قد حققت نجاحات أكيدة لا تنكر رغم اعتمادها على المسار الديمقراطي، فلا يمكنك الحكم بالفشل من مجرد فشلها في مصر..والواقع يقول أن التجارب الجهادية قد حققت نجاحا ورشدا في نماذج وفشلا ذريعا في نماذج أخرى..

الخلاصة:
–تعلم الدروس الخاطئة من التجارب لا يقل سوءا عن دعم تعلم شيء منها..
–وما يهم فعلا هو توفر الوعي والإرادة، وما أفشل التجربة في مصر كان غياب الوعي وضعف الإرادة والخوف من خوض المعركة، وليس سلوك المسار الديمقراطي..

نفس الكلام يطبق على تجربة دولة العراق والشام (داعش) أو حماس أو غيرها..ابحث عن الوعي والرشد في التجربة لتحكم، ولا تعتمد في الحكم فقط على طبيعة المسار المسلوك