بُنيّ الحبيب ..(2)

بُنيّ الحبيب ..

تمر النفس بحالات متعددة .. ترتفع أحيانا ، وتهبط لحظات ..
نعم .. إن في أعماق الإنسان ألغازاً تقاتل دون افتضاحها كل من يحاول جذبها من الأعماق ليلقيها أمام الوعي فيقاضيها قضاء عادلاً ..

كم من مشاعر وأفكار لاذت بكهوف النفس المظلمة خوفاً من الفضيحة .. وربما اطمأنت علي سريتها وسط زحام الأفعال وضجيج الأقوال .. ولكنها في ذات الوقت تضع علي عاتق أرواحنا أثقالاً من التناقضات ..

إننا حين نسير فوق طريق النفس وما فيه من أتربة الشهوات ، لا نري جمال الأمانة التي حملناها ، ولا نشعر يالسكينة التي تملأ نفس الإنسان بطاعة ربه ..

بُنيّ الحبيب ..

بدأنا السير من يوم عمرنا الأول ، ولا أحد منا يعلم أين يقف به القدم عن السير ..
وسنمشي عمرنا كله دون أن نقدر علي القول أننا الآن اكتملت تجربتنا ..
ولكن درس العمر هو ..
إن الأمان في داخل الإنسان لا يأتي إلا حين يدرك معني الأمانة التي تحملها حين أشفقت منها السموات والأرض والجبال …

بُنيّ الحبيب ..

لست ممن يتابع بقلمه عورات من حوله ، إنما أكتب عن ضلالات تملأ ذاتي ..

وليس لي من سبيل في هذا إلا الذكر الدائم لحفرة القبر ..
ذلك أن نسيان هذه الحفرة ، يُبقي الإنسان علي شهواته وتعفن خلقه ، بينما هو يسير إليها بسرعة لا يبطيء سيرها ظنه أنه في مأمن أو لديه فرصة من الوقت ..

بُنيّ الحبيب ..

كم رأيت في حياتي أعناقاً تتطاول علي الآخرين كِبْراً .. وكم رأيت سيف القدر وهو يبترها فيسقط كبرها وكبريائها ليدفن في تراب الأرض ..؟

كنت كلما رأيت مشهداً من مشاهد هؤلاء ، أذكر قول حبيبي صلي الله عليه وسلم لمن خافه ” هوّن عليك ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ”

نعم .. بُنيّ الحبيب ..

لو أننا تواضعنا ، وعلمنا حجمنا الحقيقي ، وأدركنا قدراتنا الذاتية .. لما أخطأنا الطريق ..

لا تتعالي ـ يا بُنيّ ـ علي أحد بما تتخيل أنه فيك .. ولا تباهي أحدا بنظرتك إلي الحياة والكون .. فأنت وأنا في تجربة الحياة أطفالاً يحنون إلي صدر المعرفة ..


التعليقات