المدارس الفقهية الإسلامية هي في الحقيقة أوعية تطبيق الشرع المطهر، وأما نتاجها الفقهي من متون وشروح وقضايا؛ فقد كانت كلها كالمسائل المحلولة والأمثلة التطبيقية للشريعة في الواقع، سواءً منها ما كان افتراضياً -وهو ما يفسر إغراب بعضها- أو ما كان واقعياً أي حدث بالفعل وكان هذا هو جواب الفقهاء عنه آنذاك.
ولقد صرنا بين مدرستين:
إحداهما وقفت عند زمن الفتوى دون اعتبار لواقعها، ولم تنتفع بقواعد وأصول الحل من كيفية التعامل مع النصوص أصولياً من حيث دلالاتها اللفظية والمعنوية، أو القواعد الفقهية الاستقرائية أو الاستنباطية.
وهذه فسدت وافسدت التصور عن الدين في قلوب الناس وزهدتهم فيه بجمودها وتشددها وسطحيتها.
والأخرى انبتت عن تلك الأصول والقواعد بل وربما النصوص المقدسة نفسها، تلك التي يريد أصحابها “تجديد الدين”، وأكثرهم أدباً بظنه يريد “تجديد الخطاب الديني”!
والصواب هو إحياء فقه النصوص وقواعد الشريعة وأصول الديانة في قلوب الناس وتحكيمهم لشريعة الله أولاً، ثم تنزيلها على الوقائع وملائمة ما استجد في حياة الناس فهو الجديد على الحقيقة، والاجتهاد فيه بأصوله المرعية هو التجديد الحقيقي.
وأي داعٍ لما يسمى بالتجديد -أياً كان مفهومه- دون أن يدعو قبلها إلى تحكيم شريعة رب العالمين وإلغاء أحكام الردة والمبدلين لشرائعه الظاهرة المحكمة؛ فهو خائن ومحتال أو ضعيف العقل عيي الفهم على أحس تقدير.
أما عن التجديد فلا تقلقوا عليه معشر أرقاء القلوب؛ فإن هذا الدين عموده القرآن الذي لا يخلق على كثرة الرد، كما لا تبلى حقائقه وشرائعه على تقادم الأزمان.
التعليقات