(إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا • وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا • وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا • يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا • بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا • يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ • فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ • وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
زلزلة الأرض هي رجفتها واضطرابها حتى تهد ما عليها من بناءٍ وجبال هداً؛ فحري ببني الأرض أن ترجف قلوبهم من خشية الله، حتى ينهد ضلالها ويسقط زيغها، وأن يصلحوا ما فسد منها كما يفعلون بدورهم وعمرانهم إذا هدمت.
وكما تخرج الأرض أثقالها، فتلقي ما فيها من الموتى فيحييهم الله؛ فلم لا تخرج قلوبهم أضغانها وتنفى خبثها، لتدب فيها حياتها!
وعجباً للإِنسَانُ بعد كل تلك النوازل والأحداث؛ فمازال لغفلته يساءلُ (مالها)!
ومن كره أن يرى شراً ولو كان مثقال ذرة فما عليه إلا أن يتقيه! فلا تستصغر شراً تعمله؛ فإن الرجل ليفوه بكلمة لا يلقى لها بالاً تكبه في النار سبعين خريفاً.
وقد حَدِّثُت الأرض أَخْبَارَهَا فشهدت له بكل موضع منها أطاع الله أو عصاه فيه، فعقل قوم فما وطئوا منها موطئاً إلا جعلوا شهود طاعاتهم فيه، وما عصوه في موضع إلا أحدثوا فيه طاعةً فكثرت شهودهم.
قال رسول الله ﷺ: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا. فهذه أخبارها) رواه أحمد والنسائي والترمذي
هذا وقد أَوْحَى الرب لها أن الناس يصدرون (لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ)، فمن أحب أن يرى خيراً فليعمل عملاً صالحاً يسره أن يلقاه يومئذ.
ولو كان مثقال ذرة أن يفعله (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه) عمله في الدنيا فوجده في الآخرة، بينما لا يقبل منك هناك ولو (مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا)! فلا تحقرن من المعروف شيئاً.
ومن كره أن يرى شراً ولو كان مثقال ذرة فما عليه إلا أن يتقيه! فلا تستصغر شراً تعمله؛ فإن الرجل ليفوه بكلمة لا يلقى لها بالاً تكبه في النار سبعين خريفاً.
قال الأعرابي لرسول الله ﷺ: عِظْنِي ولا تُطل؟ فقرأ عليه (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يَره) الآية، فقال: كفيت، قال ﷺ: فقه الرجل.
قال السعدي رحمه الله: “هذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلا والترهيب من فعل الشر ولو حقيراً”.
أيها الناس تحللوا من الدماء والأموال والأعراض قبل أن تزلزل الأرض زلزالها.
التعليقات