يعني، هل النظام العسكري الدكتاتوري في مصر المستولي على السلطة من 60 سنة، مشكلته مع الإسلاميين لأنه يكره الإسلام ويحاربه كدين، ولا مع الإسلاميين باعتبارهم منافسين على الحكم؟
هناك كثيرون مهتمون ومتحمسون جدا لمحاربة فكرة أن الصراع على الدين أو ضد الإسلام. غالبا لأن هذا يعطي الإسلاميين مظلومية ويجعلهم شهداء بشكل ما باعتبارهم كطرف سياسي المتحدثين سياسيا باسم الدين، حيث يعني هذا أنهم من يتلقون الجزء الأكبر من القمع والظلم. وأيضا من ناحية العاطفة، باعتبار أن ظلمهم هو اعتداء مباشر على الدين في الحس المجتمعي. وكل ذلك يسحب من شرعية أو قوة الأطراف السياسية الأخرى المعارضة من غير الإسلاميين.
لكن المشكلة في هذا السؤال أنه يحاول الفصل بين أشياء لا داعي للفصل بينها، أو لا يصلح الفصل بينها، لأن اجتماعها طبيعي ومنطقي وأصيل. فالإسلام كدين منذ نشأته هو منافس طبيعي للإمبراطوريات وأنظمة الحكم الخارجة عنه -عقيدة أو نظاما- وليس منافسا فقط لغيره من الأديان. لذلك؛ فإن استغلال اسم الإسلام لأغراض الحكم والملك هو شيء مفهوم للمستبد باسم الدين، لأنك -كمستبد أو محتل- تستغل تلك البنية العقدية الحضارية كثيرة الأتباع، والتي لو لم تركب في مركبها وتتحدث باسمها، فإنك حتما ستجد من يحاول فعل ذلك، وسيكون عليك مواجهتها حينئذ. ونموذج الحكام والدول في التاريخ الإسلامي الذين استبطنوا عقائدهم ليثبتوا حكمهم على المجتمعات المسلمة يوضح ذلك.
المقصود، أن الإسلام كدين هو منافس طبيعي لأي نوع من الأنظمة الحاكمة، ما لم يكن ذلك النظام الحاكم منتميا للإسلام، سواء بالحق أو بالباطل. وهذه الطبيعة هي خصيصة لصيقة للإسلام لا يمكن فصلها عنه، للدرجة التي يصبح معها عبثا أن نسأل: هل يحاربون الإسلام لأنه منافس أم لمجرد كونه دينا مخالفا لهم. لأنه ببساطة لا يوجد إسلام -كتوصيف تاريخي وواقعي ولا أتكلم هنا من باب فهم خاص للإسلام الآن- بهذه المواصفات – إسلام غير منافس .
عودة للسؤال، هل النظام العسكري المصري -كمثال على حالة عامة إقليمية- يحارب الإسلاميين باعتبارهم منافسين سياسيين أم لأنه يريد حرب الإسلام نفسه كدين؟ الإجابة هي: ما الذي يمنع أن يكون كلا السببين إجابة صحيحة؟ فكونهم يعادون الإسلاميين باعتبارهم منافسين سياسيين متفق عليه. ومن الناحية الأخرى، فالأنظمة المستبدة أو المحتلة تفهم طبيعة التكوين المسلم وحتميات التاريخ، وتعلم أن الحالة المسلمة نفسها جديرة بالحرب، لأنها حتى لو لم تنشأ منها حالة سياسية منافسة في لحظة ما، فهي ليست قابلة أبدا لتظل كذلك دائما.
بل يقينا ستنشأ الحالة المنافسة لوجود تلك الأنظمة. ويمكن توجيه السؤال بطريقة معكوسة لمن يحاول نفي تلك الحقائق بطلب تفسيره لمعاداة الأنظمة لحالات إسلامية غير منافسة سياسيا كالسلفية التقليدية، أو لرعب الأجهزة الأمنية من أي من يظهر عليه حالة تدين عامة -كمجرد أن يحافظ على الصلاة- في المنتمين لها، أو لتعمد الهجوم على مظاهر التدين كاللحية والنقاب من السياسيين الحاكمين والإعلاميين، وإصدار القرارات والقوانين التي تمنع دخولهم الجامعات والنوادي والفنادق وغير ذلك؟
لماذا يمكن أن يتسبب إيقافك في كمين بمصحف -مجرد مصحف- بإرسالك للمعتقل، بينما يمكن في نفس الوقت أن تنقذك قطعة حشيش أو زجاجة خمر أو مقطع جنسي على هاتفك؟
هل عندهم إجابة؟
التعليقات