الإمارات وتجار السلاح

اهتمت أبوظبي بالاستثمار في صناعة الأسلحة في صربيا ضمن جهودها لتعزيز تواجدها في البلقان باعتبارها منطقة صراعات تاريخية في قلب أوروبا، ولتوفير عتاد وأسلحة للمليشيات التابعة لأبوظبي في العديد من الدول مثل اليمن وليبيا.

العلاقة بين الجانبين الصربي والإماراتي لم تقتصر على الجانب الرسمي وحده، ففي عام 2019 سُلط الضوء إعلاميا على العلاقة بين تاجر الأسلحة الصربي سلوبودان تيسيتش وشركة الدفاع الإماراتية “إنترناشيونال جولدن جروب (IGG)”

بدأت بوادر التعاون بين صربيا والإمارات تتبلور عقب اجتماع وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد مع نيبوشا روديتش وزير الدفاع الصربي آنذاك في مارس 2014 حيث اتفقا على تكثيف التعاون بين أجهزة الأمن والدفاع التابعة للبلدين. ثم جرى توقيع اتفاقية تعاون دفاعي بين البلدين في أبريل 2014 تتضمن تبادل المعلومات والتقنيات الخاصة بصناعات الأسلحة. كما تضمنت الاتفاقية تدريب أفراد عسكريين إماراتيين، بما في ذلك الشرطة العسكرية والقوات الخاصة في الأكاديمية العسكرية في صربيا، وتطوير أنظمة هاون متوسطة المدى. ووُقع بيان مشترك بخصوص إقامة شراكة استراتيجية واتفاق بشأن التطوير المشترك بين شركتي Yugoimport SDPR الصربية، و”الإمارات للأبحاث المتقدمة والتكنولوجيا القابضة (EARTH). وكان المنتج الأول كثمرة لهذا التعاون هو التطوير المشترك لنظام الصواريخ (ALAS)، وهو صاروخ كروز أرضي مضاد للسفن، بموجب عقد قيمته 200 مليون يورو. وقد أشرف محمد دحلان قائد جهاز الأمن الوقائي السابق في قطاع غزة ومستشار محمد بن زايد على تعزيز العلاقة بين الدولتين.

العلاقة بين الجانبين الصربي والإماراتي لم تقتصر على الجانب الرسمي وحده، ففي عام 2019 سُلط الضوء إعلاميا على العلاقة بين تاجر الأسلحة الصربي سلوبودان تيسيتش وشركة الدفاع الإماراتية “إنترناشيونال جولدن جروب (IGG)”عقب تفجر فضيحة داخلية في صربيا تناولت العلاقة بين الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيك وتيسيتش.

يمتلك سلوبودان تيسيتش (مواليد 1958) مجموعة شركات مثل “CTEMEX”، و”Partizan Tech”، و”Technoglobal System”، ويتمتع بالقدرة على الوصول إلى معظم مخزون الأسلحة في منطقة البلقان، بما في ذلك صربيا، وكرواتيا، وألبانيا، وبيلاروسيا، وأماكن أخرى. وسبق لمجلس الأمن أن أدرج اسمه في عام 2010 على القائمة السوداء نظرا لخرقه قرار المجلس بمنع تصدير أسلحة إلى ليبيريا التي شهدت حربا أهلية خلال الفترة من 1989 إلى 2003. كما أدرجته الولايات المتحدة الأمريكية على القائمة السوداء في عام 2017.

أما شركة إنترناشيونال جولدن جروب الإماراتية فهي شركة يملك صندوق “توازن” السيادي حصة تبلغ 26٪ من أسهمها، وهو صندوق تأسس في عام 1992، ويعمل على الدخول في شراكات صناعية واستثمارات استراتيجية تساهم في تعزيز القدرات التصنيعية لأبوظبي في العديد من القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها قطاع التصنيع الدفاعي وتكنولوجيا التصنيع، حيث أسس المجلس 90 شركة وكيانا استثماريا من بينها 40 شركة تعمل في قطاع الصناعات الدفاعية بمفرده. وقد بلغت قيمة ممتلكاته في عام 2018 ما يعادل 148 مليار دولار.

كشف تقرير للأمم المتحدة خاص بشحنات الأسلحة إلى ليبيا عن أن شركة إنترناشيونال جولدن جروب من الممولين الرئيسيين لصفقات أسلحة يقوم بها سلوبودان تيسيتش وغالبا ما تنتهي في أيدي جماعات مسلحة..

وتقود عائلة الكعبي شركة إنترناشيونال جولدن جروب التي لديها أيضا شراكة مع شركة “المجموعة الملكية”، وهي شركة قابضة مملوكة لطحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن القومي الإماراتي. وكذلك لديها شراكات محلية مع كبرى شركات الأسلحة في العالم مثل شركات “ليوناردو” الإيطالية، و”بي أيه إي سيستمز” البريطانية، و”تاليس” الفرنسية، و”باراماونت جروب” الجنوب إفريقية، و”نيكستر” الفرنسية.

وقد كشف تقرير للأمم المتحدة خاص بشحنات الأسلحة إلى ليبيا عن أن شركة إنترناشيونال جولدن جروب من الممولين الرئيسيين لصفقات أسلحة يقوم بها سلوبودان تيسيتش وغالبا ما تنتهي في أيدي جماعات مسلحة ومليشيات تدعمها أبو ظبي في المنطقة. كما توجد شراكة عمل بين رادي جروموفيتش، رئيس قسم تطوير الأعمال بشركة إنترناشيونال جولدن جروب، مع تاجر السلاح الصربي تيسيتش في شركة “زاستافا” للشحن، المملوكة للدولة الصربية.

ولم يقتصر الأمر على علاقة الإمارات بتاجر السلاح الصربي تيسيتش، حيث انكشفت خلال العام الحالي 2020 علاقة أبوظبي بتاجر السلاح المالطي جيمس فينيش الذي طالته اتهامات بانتهاك العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي على توريد السلاح إلى ليبيا، عقب تبين علاقات تجمعه مع الفرنسيين وغيرهم من لاعبي شركات الأمن الخاص الأوروبية. ففي 25 إبريل الماضي كشفت صحيفة “تايمز أوف مالطا” وجود تحقيق حول استخدام فينيش لزورقين عسكريتين لنقل مرتزقة) من وإلى ليبيا في صفقة مع شركة إماراتية.

إن استراتيجيات الإمارات القائمة على التدخل العسكري المباشر، وتمويل الانقلابات، وإشعال وتمويل النزاعات والحروب الداخلية، تدفعها إلى بناء شراكات مع تجار السلاح بشتى أنواعهم..

يرأس فينش شركة ” Fieldsports”، ويُعد من كبار موردي الأسلحة العسكرية في أوروبا ، منذ أصبحت شركته واحدة من ضمن عدد قليل من الشركات المصرح لها ببيع الأسلحة والعتاد العسكري في الاتحاد الأوروبي. حيث يورد أسلحة إلى كبرى الشركات الأمنية الخاصة مثل “أمارانت الدولية”، و”سينتينيل ” التي تتخذ من مالطا مقرا لها، والتي أسسها جيل بورغينيون، المقرب من حفتر ، والشركة الكندية “جاردا وورلد” التي فازت بعقد حماية “بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة على إدارة الحدود الليبية لعدة أعوام قبل أن تفقده مؤخرا لحساب المجموعة الفرنسية “جيوس GEOS” التي استلمت مهامها في ليبيا في 30 يونيو 2020.. كما أن فينش مقرب من تيري روفود، الذي شغل سابقا منصب “مسؤول الأمن الإقليمي بالاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط، وهو منصب دبلوماسي أمني بالاتحاد الأوروبي، ويعامل صاحبه معاملة السفراء رسميا.

وكذلك دخلت شركة فينيش في شراكة في مارس 2018 مع إريك برنس، مؤسس شركة بلاك ووتر العسكرية الأمريكية – المنحلة حاليا – سيئة السمعة. حيث أطلقا شركة “Blackwater Ammunition (BWA)”، وهي شركة إنتاج ذخيرة خاصة بالبنادق الهجومية.

إن استراتيجيات الإمارات القائمة على التدخل العسكري المباشر، وتمويل الانقلابات، وإشعال وتمويل النزاعات والحروب الداخلية، تدفعها إلى بناء شراكات مع تجار السلاح بشتى أنواعهم بما فيهم من فُرضت عليهم عقوبات دولية، وهو ما يجعل فهم تلك التشابكات والعلاقات أمرا مهما يساهم في رصد دوائر التأثير الإماراتي عالميا.

المصدر: موقع البوصلة

التعليقات