العلة النفسية لقتل المصلين بيد الجاهلية

منذ غدرة بكر الوثنية بخزاعة حلفاء رسول الله ﷺ؛ لم تكن ثَمَّ غدرة أخ بأخيه كغدرة الحرس الجمهوري وأخواتها.

ومذ جأر الخزاعي لرسول الله ﷺ فقال:

هم بيتونا بالوتير هجداً // وقتلونا ركعاً وسجداً

فصرخ نصير المظلومين ﷺ صرخته التي أسقطت هبل وأبناء هبل وأبناء ستين هبل، فقال: (نصرت يا عمرو بن سالم نصرت يا عمرو بن سالم).

مذ جأرة عمرو تلك؛ لم نرى من ينصر المظلومين كنصرته، فقد غاب النذير البشير النصير ﷺ.

ترى لمَ تقتل الجاهلية العلمانية الركع السجود؟ أما كان لها أن تصبر حتى يختموا صلاتهم؟

كما أنها محاولة لإنهاء أية ممانعة نفسية عند جنودهم ربما تبقت تجاه أولئك المؤمنين؛ فإما أن تنفذ أمر القتل أو تُقتَل، كما حدث بالفعل لبعض المجندين حين رفضوا تنفيذ الجريمة..

هذه عملية مقصودة بلا شك وبهذه الصورة وهاتيك الشناعة، مقصود منها السحق الدموي المرعب لأولئك الإسلاميين وحملة راية الشريعة، لقمعهم وإنهاء وجودهم، ليكونوا عبرة لغيرهم، ومحاولة إهدار تلك المشروعية المتمثلة في أعلى صورها بالصلاة؛ وإسقاطها بالسلاح مع إهراق دمائهم؛ بعدما أهدروها بالكلام والإعلام بوصفهم بالمتأسلمين وتجار الدين.

ثم هي محاولة قسرية محسومة النتيجة لتخيير القوم الفاسقين من أتباع النظام الفسدة؛ فإما أن تقبلوا تلك الجريمة ولو لم تستسغها فطركم إن بقي لكم منها شيء، وإما أن ترفضوها فتسحقون بالسلاح كما سحقوا، والنتيجة الحاسمة هي قبول الجريمة ولابد لهم حينئذ من تبريرها ليحافظوا على قشرة الإنسانية التي يسترون بها فساد عقيدتهم وانهيار مبادئهم وقلة ديانتهم قبل أن يواروا سوءة إخوانهم.

وما إن يفعلوا حتى يستحوذ عليهم الشيطان استحواذاً كاملاً فهم والنظام الجاهلي المجرم في الإثم سواء وفي مركب الهلاك والهاوية حتى النهاية.

كما أنها محاولة لإنهاء أية ممانعة نفسية عند جنودهم ربما تبقت تجاه أولئك المؤمنين؛ فإما أن تنفذ أمر القتل أو تُقتَل، كما حدث بالفعل لبعض المجندين حين رفضوا تنفيذ الجريمة، وما إن يقتل حتى يصير آلة مجرمة للقتل، وقد ارتبط مصيره بسادته في الإجرام وإمكان العقاب، فيقتل ثم يقتل ثم يقتل فبقاؤه مرتبط بقتل أولئك المؤمنين الساجدين، كما صورت له قيادته الجاهلية.

إن الجاهلية في جبروتها ومهما امتلكت من آلات القتل إلا أنها تعاني من عقدة فقدان المشروعية..

كما كان لابد من تنفيذ هذه الجريمة في حال الصلاة لقداستها وما تضفيه من هيبة ومشروعية لأولئك المستضعفين الذين لم يملكوا إلا دينهم ليقاتلوا به مجرداً من القوة.

إن الجاهلية في جبروتها ومهما امتلكت من آلات القتل إلا أنها تعاني من عقدة فقدان المشروعية، هي فاقدة لإنسانيتها داخلياً ونفسياً، منحطة في حقيقتها، دموية في جبلتها، حاقدة في طويتها، معادية للدين نفسه في منهجها.

ولذا فمع محاولة إهدار خصومها بوصفهم منافقين متمسحين بالدين، إلا أنها لا تقيم هي الدين عوضاً عنهم في صورته الصحيحة مثلاً، فهي وأتباعها في الحقيقة “أعداء الدين”، ولذا تشيع الخنا والفساد والتجرؤ على الدين ولا ترى خلاعة ولا عرياً ولا إلحاداً ولا شذوذاً كما تراه في عهدها، ورموزها وفنانيها وإعلامها وساستها.

بينما يكون مصير شيوخها المنافقين بعدما حاولوا إضفاء بعض الاحترام عليها؛ أن تقذف بهم في أقرب حاوية للنفايات.


التعليقات