هل تمثل إشارات النظام دعوة للتفاوض!

ذهب الكثيرون إلى أن النظام العسكري هو من يقف خلف دعوة حمدين صباحي لإطلاق سراح المعتقلين من خصوم النظام في ظل تفشي وباء الكورونا، وما سبق هذه الدعوة من تلميح وقح لعماد الدين حسين في جريدة الشروق.

ففي حالة ما انتشر هذا الوباء الخطير -لا سمح الله- في تكدسات المعتقلين وهم بعشرات الآلاف؛ فإن أعداد الضحايا ستفوق الوصف، وهي التبعة التي لا يستطيع أي نظام تحملها شعبياً ولا دولياً.

وأرى أن هذا تحليل سليم للموقف ولا يحتاج إلى كثير ذكاء ولا بعد نظر؛ فالأول كومبارس رئاسي سابق حسب الطلب ومعارضة مدجنة ولطيفة ومتعاونة، والثاني مجرد ترس من تروس النظام الصدئة، وما كان لكومبارس أن يصبح نجم شباك ولا لترس أن يصير عجلة.

والحقيقة أن النظام بعيد النظر إلى حد ما في مجالات جس النبض وإلقاء الطعم هذه؛ بغض النظر عن مبدأ “اضرب ولاقي” حيث خرجت أبواق أخرى للنظام تهاجم حمدين كما خرج السيسي من مكمنه لؤكد ألا مكان لأهل الشر في مصر حتى في المحنة الكورونية.

ففي حالة ما انتشر هذا الوباء الخطير -لا سمح الله- في تكدسات المعتقلين وهم بعشرات الآلاف؛ فإن أعداد الضحايا ستفوق الوصف، وهي التبعة التي لا يستطيع أي نظام تحملها شعبياً ولا دولياً.

فإذا كانت مذبحة كرابعة وغيرها يمكن تبريرها بأكاذيب من عينة أن المعتصمين كانوا مسلحين، وانهم صنعوا كرة أرضية تحت المنصة لدفن خصومهم، وأن النظام لم يقتلهم ولكنهم قتلوا أنفسهم وأبنائهم ونساءهم ليتاجروا بهم، إلى آخر هذا الهزر والهراء، فالنظام قام بفعلته تلك بتمرير وتغاضي دولي خارجي وربما بدعم وتشجيع ولو من تحت الطاولة، كما أنه يعرف جيداً أنه صنع داخلياً عقليات معتوهة ونفوساً مريضة يمكنها بلع هذه الفضلات بمنتهى الاستساغة.

ولكن القاصمة ستكون في احتمالية تمرد عناصر النظام نفسه من عساكر وأمناء وضباط فإن الوباء لن يفرق بين سجين وسجان…

وفي حالة تفاقم الأمر وأطلق سراحهم فإن المصابين سيقومون بنشر الوباء في الخارج وفي كل مكان رغماً عنهم إذ لا يمكن وضع كل هؤلاء في الحجر الصحي بحسب إمكانيات الدولة الظاهرية.

وليست الداهية في موت الآلاف من المعتقلين فحسب؛ وما قد يولده ذلك من غضب شعبي في ظل أجواء لا تحتمل؛ وكذلك انشغال دولي يلهي كل الأطراف عن دعم غيرها فضلاً عن التبرير لجرائمه، ولكن القاصمة ستكون في احتمالية تمرد عناصر النظام نفسه من عساكر وأمناء وضباط فإن الوباء لن يفرق بين سجين وسجان، وقد رأينا من الرتب الدنيا من يسب الدين أو يلعن والديّ بعض الضباط إذ يختبئون ويقدمونهم للموت في بعض المواجهات أبان ثورة يناير وغيرها.

ولكن العجيب حقاً هو مقال كالذي كتبه الدكتور المحترم حلمي الجزار، والمؤتمر الذي عقدته بعض قيادات الإخوان بالخارج، في هرولة رقيعة خلف أول إشارة تافهة من نظام مجرم لن يرقب فيهم ولا في الإخوة المعتقلين إلاً ولا ذمة.

حتى إن أردتم تفاوضاً أو فرصة للالتقاء مع النظام فلا يمكن أن تكون هذه هي الطريقة الصحيحة، ولو كنتم تعقلون لعلمتم أن هذا النظام لن يرضى منكم بغير استسلام كامل ومذل وغير مشروط، ولو تركتموه لربما اضطر صاغراً للتراجع والقيام بالكثير من التنازلات دون مقابل.


التعليقات