التحديات الداخلية من منظور السيسي

يرى السيسي أن مصر تواجه تحديات خطيرة ومتنوعة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية، إلا أنه يؤكد باستمرار على أن التحدي الأخطر الذي تواجهه مصر حاليا ليس تحديا خارجيا إنما هو تحدي داخلي يتعلق بتماسك الدولة المصرية، والحفاظ على بقائها. وذلك باعتباره أن الدولة المصرية منذ ثورة يناير تتعرض لتهديد حقيقي. وفي هذا السياق يشدد السيسي على أنه يخوض حرب وجود للحفاظ على الدولة حتى لا تنهار مثل الدول الأخرى المجاورة .

ويرى السيسي أنه يخوض معركتين مهمتين:

معركة ضد الإرهاب وقوى الشر (أي ضد الإسلاميين وخصومه السياسيين). مؤكدا أنه لا مكان للإرهاب وجماعاته وأفكاره وممارساته داخل مصر.

معركة البناء والتعمير والتنمية من أجل الحفاظ على الدولة من الانهيار، وهي المعركة التي يتبع فيها سياسات اقتصادية ليبرالية جديدة تقوم على عقيدة الصدمة بذريعة أن الاقتصاد المصري في حاجة إلى اصلاحات هيكلية جذرية.

ومن خلال استعراض قرابة 140 خطابا للسيسي خلال الفترة الزمنية الممتدة من عام 2014 حتى عام 2019 أمكن تحديد التحديات الداخلية التالية التي يرى السيسي أنها تجابه مصر:

1- الخوف من حدوث ثورة شعبية، وعدم تعاضد مؤسسات الدولة:

يحتل تخوف السيسي من حدوث احتقان شعبي وحراك جماهيري ضد نظامه ذروة المخاطر التي يخشى منها. وهو ما عبر عنه قائلا أن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية أمر سهل مقارنة بخطر انقسام المصريين حسب تعبيره، وضرب أمثلة بالانقسام بين الشعب الشرطة عام 2011، وبين الجيش والشرطة في ذات العام. وأضاف خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة المنعقدة في 28 إبريل 2018 (التحدي اللي موجود قدام مصر، هو تماسك الدولة المصرية.. إحنا، التحدي مش خارجي، التحدي مش خارجي، التحدي داخلي، إزاي تاكلوا بعضكوا.. إزاي تموتوا بعضكوا.. إزاي تكسروا بعضكوا.. اصحوا، وانتبهوا!).

وأكد خلال رده على تساؤلات المواطنين التي وجهّت إليه خلال مبادرة “اسأل الرئيس” في شهر يناير 2018 على أن هدفه خلال السنوات الأربعة الأولى من حكمه تمثل في تثبيت الدولة عبر امتصاص حالة الثورة، وحالة الحركة الزائدة التي تواجدت عند المصريين!!. كما طلب من الآباء أثناء ندوة القوات المسلحة التثقيفية المنعقدة في 10 مارس 2019 توعية أبنائهم بخطورة العبث بأمن مصر، قائلا أن من كان عنده 8 سنوات أثناء ثورة يناير حاليا عنده 16 سنة، ولابد من توعيتهم.

2- تنامي خطر التنظيمات المسلحة وبالأخص في سيناء، وصعوبة تأمين الحدود:

يرى السيسي أن مصر تخوض معركة ضخمة ضد الإرهاب المدعوم من أطراف خارجية، معركة تماثل حروب مصر من عام 1967 إلى 1973. ومن ثم صرح السيسي بأن قوات الجيش التي تشارك في الحرب بسيناء ضد من أسماهم (خوارج العصر) يبلغ تعدادها 41 كتيبة تضم قرابة 25 ألف عنصر. كما قال في عام 2017 – في سياق التدليل على وجود دعم خارجي للتنظيمات المسلحة – أن كمية المتفجرات التي ضبطتها الأجهزة المختصة تبلغ 1000 طن يناهز سعرها 400 مليون دولار. أما معادلة ذلك الصراع فعبر عنها السيسي أثناء زياته لشمال سيناء في 23 مارس 2018 قائلا (نحن نواجه الأشرار وخوارج العصر…يا نحن يا هم). وكذلك يرى السيسي أن حدود مصر التي يبلغ طولها أكثر من 5000 كم، يصعب تأمينها بشكل كامل مما يساهم في تنامي خطر التنظيمات المسلحة وظاهرة الهجرة غير الشرعية وعمليات التهريب.

3-النمو السكاني، والفساد:

يرى السيسي أن تحدي التحدي الذي تواجهه مصر حسب تعبيره هو النمو السكاني، والذي يبلغ 2.5% مما يستلزم نسبة نمو اقتصادي تبلغ 7.5% كحد أدنى، وهو ما لم تصل له مصر حتى الآن، مما ينعكس على عدم قدرة الدولة حسب كلامه على الوفاء باحتياجات السكان. كما يرى السيسي أن خطر الفساد نظير لخطر الإرهاب، لأنه يهدد الجهود المبذولة لتحقيق التنمية والاستقرار.

4-استمرار الدعم الحكومي للمواطنين، وتضخم حجم الجهاز الإداري بالدولة:

قال السيسي خلال فعاليات المؤتمر الوطني للشباب في يناير 2016 أن التحدي الاقتصادي هو أكبر تحدي يواجه مصر. وسبق أن شدد في عام 2016 على أن الدعم الذي تقدمه الدولة للمواطنين يستنزف الموازنة العامة. وأن عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة يبلغ 7 مليون موظف بينما الدولة تحتاج مليون منهم فقط.

5- تحديات متعلقة بتدهور البنية التحتية:

تطرق السيسي إلى عدد من التحديات المتعلقة بتدهور البنية التحتية، والتي يرى أنها تعيق قدرة الدولة على الوفاء باحتياجات المواطنين، فضلا عن دورها في تحجيم إقبال الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، ومن أبرزها:

  • تدهور البنية الأساسية للطرق. مما يعيق التوسع في الاستثمارات المحلية والأجنبية.
  • تناقص مساحة الأراضي الزراعية، مما يؤثر على معدل الإنتاج الزراعي، والأمن الغذائي.
  • محدودية منظومة الصرف الصحي، مما يترك تداعيات صحية على المواطنين.
6–انخفاض الروح المعنوية للمواطنين، واليأس من المستقبل:

وذلك عبر التشكيك في الانجازات التي يقوم بها النظام حسب تعبير السيسي، من قبيل الحديث عن ارتفاع أسعار الكهرباء عقب نجاح النظام في القضاء على أزمة انقطاع التيار الكهربائي، والتشكيك في الجدوى الاقتصادية لمشروع زراعة المليون ونصف فدان.

ومن خلال ما سبق يتضح أن نظرة السيسي للتحديات الداخلية التي تواجه مصر تختلط بنظرته الشخصية إلى أمن نظامه واستقراره. ومن ثم تنبثق سياساته من أرضية الحفاظ على تماسك وبقاء نظامه. كما يتبنى سياسات اقتصادية نيوليبرالية تسحق الطبقات الوسطى والفقيرة وتكرس الفوارق في الثروة بين مكونات الشعب المصري بما يكفل انشغال المواطنين بتحصيل معاشهم الدنيوي بعد أن ينقسم المجتمع إلى نخبة محدودة تحوز الثروة وتعيش في غنى مطغي، وأغلبية كبيرة تعيش في فقر مُنسي.

المصدر: موقع البوصلة

التعليقات