الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
“وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”..
نعزي أسرة الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي في مصابهم، ونعزي الشعب المصري والأمة المسلمة في الرجل الثابت الذي قضى إلى ربه مجاهداً رافضاً الانحناء والتنازل أمام الظلمة، والذي تم اغتياله وقتله عمداً ببطءٍ على مدار سنوات أمام أعين العالم المتواطئ في هذه الجريمة.
إن القيمة التاريخية للرئيس الشهيد في كل مراحله أكبر من أن تدركها الكلمات. فليس فقط أنه أول رئيس يأتي بالإرادة الحرة للمصريين في تاريخنا، وليس فقط أنه الرئيس الحافظ لكتاب الله وقد تعاقب على حكمنا الأراذل والفساق، لكنه كان في ثباته وفي صدقه في إرادة الخير للناس -ولو ظلموه- على قدر المسئولية واحترام الإرادة الحرة التي أتت به، برفضه في التفريط والتسليم. وإن هذا الموقف العظيم هو في الحقيقة ما أعطى الموقف الشعبي الرافض للانقلاب معناه، إذ ماذا يعني رفض الانقلاب لو سلم الرئيس المنتخب واعترف به؟
وإن المصاب فقط ليس مصاب المصريين، بل هو مصاب الأمة كلها في رجل تجاوز همه الداخل المصري، ليحمل هم قضية فلسطين وقضايا الأمة كلها، وهو الذي أعطى بمجيئه مُنتخباً وبمواقفه الأمل للشعوب المستضعفة في أن هناك “ربيعاً عربياً”، وأن زوال الظلمة غير مستحيل، وأن إرادة الناس يمكن لها الانتصار. ولهذا كانت الحرب الإقليمية المستعرة ضده من الخائفين المرتعشين من فكرة زوال عروشهم.
لهذا كله كانت جريمة القتل البطيء له، وفي الوقت الذي نال المجرم مبارك العناية والرعاية، حرم الدكتور مرسي من علاجه، بل ومن مصحفه، وعزل في حبسه الانفرادي لست سنوات، وهو ما من شأنه أن يكسر الأقوياء من الرجال، غير أنه لم ينكسر. وإن المطالبة بالتحقيق في موته هو أمر عجيب، فإن القاتل معروف للعالم، وكيف يُطلب ممن قتلوه أن يحققوا في مقتله؟! ولينظر كل من أيد تلك الجريمة وأيد الانقلاب كيف انتهى بمصر الأمر، وكيف هو الحال ما بين من أرادوا إسقاطه ومن أتوا به.
نسأل الله عز وجل أن يرحم رئيسنا وأن ينزله منازل الشهداء، وأن يربط على قلوب أهله، وأن يجعل مقتله أذاناً بزوال الظلم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
التعليقات