الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
تعيش أمتنا ظروفا وأحداثا متلاحقة عالميا وإقليميا، من اغتيالات سياسية، وحروب إقليمية دائرة تطحن في رحاها المستضعفين، وأنظمة مفككة خائنة تعتقل وتقتل العلماء والمصلحين ورموز الأمة، وتسارع في الغرب والصهاينة ليحفظوا لهم عروشهم المهددة المرتعشة، التي يذكرهم ترمب في كل ساعة أنها بغيابه لن تدوم أكثر من أسبوعين.
فيستغل الكيان الصهيوني الغاصب كل هذه الأحداث، ويعمل على كل الأصعدة ومع كل الأطراف، منذ لحظة الانقلاب العسكري في مصر وإلى اللحظة الحالية، لكي يحقق مكاسب تاريخية له لم يكن ليحلم بها لولا جثوم تلك الأنظمة الخائنة غصبا وقهرا على صدورنا.
وإن من أخطر ما يحاول تحقيقه الآن، هو المضي قدما وبخطوات متسارعة في التطبيع مع دول المنطقة، تعجيلا لما يسمى بصفقة القرن، التي يريد بها تصفية القضية الفلسطينية.
إنه إذا كان الاحتلال جريمة، والقعود عن مواجهته خيانة، فإن التطبيع أشد جرما وخيانة. فالتطبيع هو إعلان استسلام أبدي، وتحويل الاحتلال الذي يدنس مقدساتنا، ويقصف بيوتنا ويقتل أطفالنا ونساءنا، ويسرق المقدرات والثروات، بل ويسطو على التاريخ والثقافة والتراث ليعوض ما لا يملكه، إلى دولة ذات شرعية مقبولة، وذات علاقة طبيعية مع جيرانها من الشعوب المسلمة.
لذلك؛ فإننا ندعوا الأمة للقيام بواجب هذه المعركة، والوعي بما يخطط لها، ويراد تمريره استغلالا للانشغال الإعلامي والسياسي الحاصل، ومن أهم ما نؤكد عليه:
أولا: ضرورة رفع الوعي بخطورة التطبيع، والتذكير بجرائم المحتل الصهيوني تاريخا وحاضرا، فهو الذي يدعو للتطبيع في نفس الوقت الذي تقصف فيه طائراته غزة على رؤوس الأبرياء.
ثانيا: استعادة محورية دور الشعوب في هذه المعركة، إذ أن اعتماد الصهاينة على الأنظمة الحاكمة فقط لتمرير مخططهم ليس كافيا لإنجاحه، وأن مناط المعركة الحقيقية هو الشعوب، التي وإن حاول حكامها أن يفرضوا عليها هذا الأمر ويجعلوه واقعا، فإنها هي التي تملك أن تُفشله ولو بعد حين.
ثالثا: التأكيد على أن حقوق الأمة لا تسقط بتنازل العملاء، كما أنها لم تسقط قبل ذلك بدعاوى الأعداء، فإن الأمة ليست مختزلة في أنظمة لا تعبر عنها.
رابعا: أهمية الرد العملي على محاولات التطبيع بالدعم المستمر للمقاومة، فإن أكبر رفض للواقع الذي يحاولون فرضه، هو دعم المقاومة، ودعم حق أمتنا في الدفاع عن مقدساتنا وأرضنا وأهلينا. فإذا كان هدف التطبيع مساواة الغاصب بصاحب الحق، فإن المقاومة هي التأكيد العملي على أنهما لا يتساويان، وأن استمرار وجود الطرفين على نفس الأرض هو أمر غير ممكن.
خامسا: إدراك أن معركة الأمة واحدة متصلة، وأن الصهاينة والحكام المستبدين قرينان، لا يستغني أحدهما عن الآخر، وأن المعركة ضدهما واحدة لا تنفصل. وهو ما يعني أهمية الثورة ضد أنظمة الظلم والطغيان في مصر وما حولها، لإنقاذ المنطقة كلها، وقضية فلسطين على رأسها.
وأخيرا: إننا نثق في وعد الله لنا بأن الخير في هذه الأمة لا ينقطع ، فأمتنا حية ومجاهدة، ولإن كانت تعاني اليوم من كبوة، فإن لها كرة قريبة، وفي التاريخ عبرة، ونحن من وعد الله لعلى يقين.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل،
الجبهة السلفية بمصر
الخميس 23 صفر 1440هـ
الموافق 1 / 11 / 2018م.
التعليقات