لا بأس بالتنظير ولكن لنجعله أكثر إزعاجاً

الفئات الاجتماعية المختلفة، تكون على أساس ديني أو أيديولوجي أو عرقي أو نحو ذلك.

وكإسلاميين فإننا نواجه عدة معضلات على مستوى تحليل السياق والمضمون تارة، والشكل والأداء تارة أخرى، وتتلخص في التمايز الشكلي والمحتوى المنهجي والفكري، ومشكلة هذا الشكل المغاير وذلك التوجه الأممي الغاياتي؛ أنه يتطلب تبعات سلوكية.

وليس الحل هو نقض شعائرنا ولا شعارتنا -سواء الشكلية أو اللفظية- فهي عناويننا والمعبرة عن مناهجنا، وهي نوع ضغط على النظام والمجتمع الذي فارق نفس تلك المبدئيات بعدما كانت أصلا اجتماعياً يوماً ما.

ومشكلتها الحرجة أنها تحدث تمايزا عن الناس وبالتالي تفرض تحييدا وتحييزا عن المجتمع وتفتح الباب واسعاً لضربنا أكثر من أي فئة أخرى. خذ عندك مثالاً: دعوى تطبيق الشريعة وربطها في الدعايات الجاهلية المعادية بالحدود والقطع والقتل وكأنها لا اجتماع فيها ولا اقتصاد ولا سياسة ولا قوانين أخرى غير ذلك.

ودعوى الخلافة أو هدم الحدود الوطنية السياسية لصالح السعة الأممية، وتحويلها إلى خيانة للوطن وبيع له أو تدمير له لمصالح خاصة أو لجهات أخرى ونحو ذلك.

ومظاهر اللحية والنقاب ونحوها من الشعارات الظاهرة في الملبس والسلوك بل وفي لغة الخطاب.

والصواب أيضا أن ننتخب منا نخبة بعناية تختلف عن ذلك وتحقق الاختراق ببراعة وحرفية بناء على دربة مميزة، كما تشكل رديفا وهامشا يعمل كوسادة وعوازل حول المنهج وأصحابه الثابتين والمعبرين عنه والمُصدرين كرمزيات له.

وليس الحل في التنازل عنها أو نقضها كما يفعل من تحيره هذه التناقضات، فمنهم من يلتزم بها التزام المتشدد المبالغ لحفظ هويته فيصادم الواقع بكليته، ومنهم من يتساهل فيها لصالح تحقيق خلفيتها الاعتقادية النظرية التي يؤمن بها، فيهدر سبب وجوده وأصل قضيته.

والصواب استمرارها على الجملة فهي إحدى محدداتنا الثقافية والهوياتية الضاغطة على عصب الجاهلية السلطوية وجاهلية المجتمع نفسه، وهي مع مشاقها ومحتفاتها التشويهية إلا أنها تبقى دعايات منهجية حقيقية ومؤثرة والتنازل عنها لمن يغفل هو تنازل عن جزء منهجي في الحقيقة.

والصواب أيضا أن ننتخب منا نخبة بعناية تختلف عن ذلك وتحقق الاختراق ببراعة وحرفية بناء على دربة مميزة، كما تشكل رديفا وهامشا يعمل كوسادة وعوازل حول المنهج وأصحابه الثابتين والمعبرين عنه والمُصدرين كرمزيات له.

وعيب ذلك أنه يؤدي الى تمايز هذه الفئات المختارة مع الوقت -مهما انتقيت بعناية- وتصير إلى الانشقاقات أو شبه الانشقاقات، ولذلك ينبغي تفكيك هذه الهوامش سريعا وتذويبها لصالح الجماعة، واستبدالها إدارياً قبل ان تصل لمرحلة المفارقة القائمة على التفاوت والاختلاف عن بقية المنهجيين الشعائريين.

وهذا يقتضي ألا تكون مجموعات الهوامش أصلية دعائيا أو رمزية إعلامياً -ولا حتى تكوينياً- بالمعنى الداخلي لصلب العمل الحركي، كما يقتضي كونها من الشباب المعد جيداً والمرن نفسيا وعمليا والمدرك تماماً لابعاد وحرفية العملية.


التعليقات