يعتبر كارل ماركس أن التناقض المجتمعي المنتج للظواهر التغييرية في المجتمع؛ إنما يكون بالتفاوت بين قدرة قوى الإنتاج وأدواته أو وسائله على التطور والحركة السريعة، بصورة تتفوق كثيراً على علاقات الإنتاج أو المجموعات المهيمنة عليه.
فهو هنا يعزو التغيير (الثورة) إلى التناقض، ويرجع التناقض إلى تفاوت قدرة التطور بين البنى التحتية (الاقتصاد)، والبنى الفوقية أي النظام السياسي والقضائي وأدوات حمايتهما.
فلا شك أن البنى التحتية -ليست الاقتصادية فقط- وإنما الثقافية والدينية والفكرية والمواقف السياسية والأخلاقية؛ كلها تتطور وتتغير بطبيعتها بصورة أكثر سيولة من قوى الحكم والنظم السياسية..
وطبعاً فإنه هنا يقتصر على التفسير المادي أو الاقتصادي كأهم العناصر الدافعة لحركة التطور وما ينشأ عنها من صراع الطبقات.
ويتقاطع هيجل معه في منطقة ما من نظرية الديالكتيك وأن الشيء ينتج ضده فالإقطاع الزراعي والأقنان أنتج الرأسمالية، والراسمالية أنتجت قوى العمل، وقوى العمل أنتجت الثورة وشيوعية الثروة.
ولا شك أن هناك قسطاً متفقاً عليه في النظر لقوى التغيير المجتمعية، فلا شك أن البنى التحتية -ليست الاقتصادية فقط- وإنما الثقافية والدينية والفكرية والمواقف السياسية والأخلاقية؛ كلها تتطور وتتغير بطبيعتها بصورة أكثر سيولة من قوى الحكم والنظم السياسية التي لابد لها من نوع جمود ولا تناسبها السيولة وإلا كانت سبباً ذاتياً في انهيارها، وربما كان الأنسب لها المرونة أحياناً.
والشاهد المهم أن قوى المجتمع التحتية عاملة ومتحركة وليست راكدة، وأنها جميعا تقدمية وتسير نحو الأمام بطبيعة حركة التاريخ وقابلية المجتمعات للاندفاع بحكم مسار التاريخ نحو رأس السهم الزمنية لا التراجع للوراء.
كما لابد من عمل ألف حساب للنظم الدينية والاعتقادية الحاكمة للمجتمع -كما يقول فوستيل دي كولانج- ؛والتي قد يفلح النظام في استغلال لهجتها حيناً لصالحه، أو تحريف مفاهيمها بين قطاعات موالية له..
كما تغذي القوى الحاكمة أو البنى الفوقية تلك الحركة المضادة لوجودها بكافة النظم المتوحشة التي تؤسسها وتتغول بها على الناس اعتماداً على قوة البطش والسيطرة العسكرية، خاصة أن القوى العسكرية النفعية والطفيلية تنتمي شاءت أم أبت لمحيط اجتماعي ضاغط تخلقت عنه بالأساس، وهو أوسع من محيطها القرابي الضيق بالمعنى الأسري، كما لابد من عمل ألف حساب للنظم الدينية والاعتقادية الحاكمة للمجتمع -كما يقول فوستيل دي كولانج- ؛والتي قد يفلح النظام في استغلال لهجتها حيناً لصالحه، أو تحريف مفاهيمها بين قطاعات موالية له، ولكن كل ذلك سيعمل على زيادة نفس التناقض ودفع ظواهر التغيير المرتكزة عليه إلى إسقاط النظام.
وأخيرا فالقاسم المشترك بين كافة جرائم النظام كتبديد اموال المصريين في التفريعة والإدارية والغاز الطبيعي، وتبديد أراضيهم وسيادتهم وعمقهم الاستراتيجي في تيران وصنافير، أو بيع السمان والوراق، على تنوع هذه القضايا ما بين سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي، فالقاسم بينها جميعاً هو قدرتها على دفع ظواهر التغيير والثورة الفوضوية والتي لن تنضبط إلا بالقوة التي تجبر هذه المعطيات على السير في خط نظامي تقوده هي وحدها، كما تجبر النظام على الانثناء ثم الانحناء ثم التراجع أمامها نحو الخلف لصالحها.
التعليقات