الشيخ بن لادن ونظرية الحق

في ذكرى ١١ سبتمبر تتجدد نظرية الحق ويتبدى انتصار المستضعفين من بعد ما ظلموا وإن ذلك لمن عزم الأمور.

كان الشيخ -الشاب- في مناطقه الجبلية الوعرة بأفغانستان على ربا الهندكوش ومن فوق جبال سليمان، يطمح إلى أن يهدم نظرية الاستكبار وهيمنة القوى العالمية المجرمة؛ تلك التي عبدت الناس لنفسها من دون الله.

أدرك مجدد العصر في الجهاد أن قوة المستكبرين تكمن في الهيمنة النفسية والسيطرة العقلية على الضحايا والمستضعفين، وكان قد أفلح قديماً أن يهدم بعض أوثان القوى العظمى، فلم ترهبه أمريكا -والتي أسماها هبل العصر- ولا جزاري أمريكا ولا قواتها المجرمة المسيطرة على العالم.

كما أدرك أن عصب هذه القوى هو الاقتصاد وإشاعة حالة “المس الربوي” في العالم.

ولكن وقفت أمامه معضلة التفوق الجوي التي كانت ومازالت عقبة العقبات التي تعيق النصر وتجهض أي تجربة نجاح جهادية.

فقرر ضرب أمريكا ب ١٩ رجلاً من رجالات هذه الأمة، وقرر أن تركيع أمريكا لا يتم إلا بكسر ركبتيها، كما طور الطائرات المدنية ليجعل منها -ولأول مرة- سلاحاً فعالاً ومكافئاً عسكرياً لاقتحام قلعة الشر وضرب هبل في عقر داره ليقول لهم: الله أعلى وأجل، وكان لابد لسلاحه أن يكسر ركبتي هبل ويجبره على الركوع لله طوعاً أو كرهاً، ليهرب رأس الكفر مذعوراً إلى مخبئه والعالم يشاهده على شاشات التلفاز تحت عنوان: أمريكا تحت الهجوم America under attack ولأول مرة في التاريخ!!

لقد انتزع بن لادن وجنوده نظرية الحق وأظهروا مظلومية المستضعفين، وأخضعوا الشيطان الأكبر في جولة مريعة من جولات الصراع تؤذن ببدء مرحلة جديدة.

اتفقت مع ما صنع خزنة النار أولئك من قلب قباب السحاب يوم الثلاثاء القاهر أم اختلفت معهم، إلا أنهم غيروا النظريات العسكرية والمعادلات الاقتصادية، وأسقطوا سطوة العدو الأمريكي المجرم بالفعل لا بالقول.

وأثبتوا حق المستضعفين بل وقدرتهم أيضاً على الانتصار ممن ظلمهم، وقدرة هذه الأمة على الثأر لحقها، وأن كل أوصاف الإرهاب والتجريم إنما هي لاستعلاء الجاهلية واحتكار مفهوم الحق لنفسها، فما كان لها فهو حق إنساني وشرعية أممية وقانون دولي، ولو كان هو حق قتل الملايين وإبادتهم وسرقة مقدراتهم، ولو كان حق الشذوذ والإباحية والأفعال القبيحة الخسيسة، وما كان لغيرهم فهو إرهاب وترويع للآمنين وإجرام وتخلف وتعصب.

لقد انتزع بن لادن وجنوده نظرية الحق وأظهروا مظلومية المستضعفين، وأخضعوا الشيطان الأكبر في جولة مريعة من جولات الصراع تؤذن ببدء مرحلة جديدة.

لقد قالوا للظلم لا وإن لنا لحقاً عندك يا أمريكا.


التعليقات