بصائر قرآنية – يومًا يجعل الولدان شيبا

لفت أحد رفقاء الدرب القرآني نظري اليوم إلى اقتران عجيب في كتاب الله..
قال لي: أتعرف لماذا قال الله تعالى في سورة القارعة: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ)؟! ثم أردف قائلًا: لأن الله يجيء للفصل في هذا اليوم المهول!!

فقد أخبرنا ربنا عن حال الجبل لما تجلى الله له فقال: (فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا).. فكان لزاما أن تدمر الجبال.. وتبدل الأرض غير الأرض.. للتهيأ لنور الله إذا جاء للفصل بين العباد..
(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ. * وَوُفِّيَتْ كُلّ نَفْس مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَم بِمَا يَفْعَلُونَ)..

فنظرت في كتاب الله فوجدت هذا الاقتران بين دك الجبال ومجيء الله للفصل بين العباد يتكرر:
قال تعالى: (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً)..
وقال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً..) ثم قال: (وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا)..
وقال: (وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة) ثم قال: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ )..

فإذا كان هذا هو حال الجبال الراسيات يوم القيامة فكيف بحال الإنسان الضعيف (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)..

فلا عجب أن يأتي قوله: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا).. بعد قوله: (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً)!


التعليقات