مبدأ الانصياع للسلطة!

بين أيدينا حديث شريف يختبر مبدأ الانصياع للسلطة، ويشير في ثناياه إلى صحة ما تقرر بواسطة التجارب السابقة، ففي مسند الإمام أحمد بسند صحيح عن على رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء؛ فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تطيعوني. قالوا: بلى. فقال: اجمعوا حطبا ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها. فهم القوم أن يدخلوها! فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا النبي صلى الله عليه و سلم، فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوا. فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال لهم: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا؛ إنما الطاعة في المعروف.[1/82 طبعة مؤسسة قرطبة القاهرة]

إن عبارة (فهمَّ القوم أن يدخلوها) تؤكد صحة مبدأ الإذعان للسلطة كسلوك بشري، حتى أن واحدًا فقط هو الذي أوقفهم، وأرجعهم للسلطة المعصومة الوحيدة التي لا مجال لطرح أي سؤال في مواجهتها، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).

فتأتي لتقرر السلطة المعصومة القاعدة الشرعية في مواجهة أية سلطة أخرى، وهي: (إنما الطاعة في المعروف).. حتى لو كانت هذه السلطة سليمة الشرعية، لا يحق لها الأمر بما يخالف المقرر من قبل السلطة العليا المطلقة الوحيدة المستندة إلى الوحي المعصوم.

والحديث الشريف يقرر بشكل حاسم مصير من يخالف هذه القاعدة: (لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا).. إنه مصير كل من تجرأ على مخالفة من يملك جوهر السلطة الحقيقية في الكون وهو الله، وكل ما عداه فلا يملك غير مظاهر، ألقاب وملابس وزخارف السلطة دون امتلاك حقيقي لجوهرها.. إنها سلطة أرضية زائفة محدودة بحدود الدنيا التي نعيش فيها!

مقتبس من مقال: كيف تكون مجرما؟!

التعليقات