يتماهى البعض مع حملات النقد العارم للتيار السلفي في مصر، ويتناسى هؤلاء أن الواقع السلفي بعد الثورة هو امتداد لوضعه قبل الثورة، فقط كشفت الأحداث المتتالية حقيقة الواقع لمن لم يكن يدركه.
الواقع السلفي كان مغيبا في مجمله، ولم يكن يتجاوب بسلاسة مع دعوات التغيير والتطوير الجدية، ثم مع حدوث الانقلاب حدثت للكثيرين صدمات جعلت البعض منهم يقفز لمركب تنظيم الدولة، والبعض الآخر ينزوي ويقتصر على حياته الشخصية، والبعض الثالث ينتهز الأحداث زاعما النقد والإصلاح بينما هو يدور في نفس الفلك القديم بل أسوأ
ومازلت أتذكر لقاءات عديدة بعد الثورة مباشرة قابلت خلالها عشرات المجموعات السلفية في أنحاء مصر، أشرح لهم خلالها مشروع “الجبهة السلفية” عقب طلبهم التواصل مع أفراد من الجبهة.. وفي نهاية معظم تلك اللقاءات كنت أجد إجابات متقاربة من قبيل (هذا الكلام الذي ذكرته جيد جدا، ولكن لكي نعمل معكم لابد من تزكية أحد الشيوخ المشهورين لكم مثل الشيخ محمد حسان).
بينما كان يقترح آخرون العمل من خلال الدعوة السلفية والإصلاح من داخلها.. تلك الإجابات كانت تشعرني أن كل ما قلته في اللقاء لم يستوعبه الحاضرون جيدا، وإلا لما اقترحوا تلك المقترحات العجيبة، ولكن كنت اتفهم كلامهم في ضوء معطيات الواقع آنذاك.
ثم مع بروز اسم الجبهة السلفية إعلاميا، تعرضت لحملة تشويه شعواء من قبل الكثيرين، وإن كان معظمهم غير موقفه لاحقا، فمازلت اذكر هجوم الأخ حسام عبدالعزيز الحاد على الجبهة وتسميته إياها بجبهة (جين شارب) ودفاعه المستميت عن الدعوة السلفية آنذاك، قبل تغير موقفه وتحوله لأحد أبرز نقاد برهامي وجوقته.
الشاهد أن الواقع السلفي كان مغيبا في مجمله، ولم يكن يتجاوب بسلاسة مع دعوات التغيير والتطوير الجدية، ثم مع حدوث الانقلاب حدثت للكثيرين صدمات جعلت البعض منهم يقفز لمركب تنظيم الدولة، والبعض الآخر ينزوي ويقتصر على حياته الشخصية، والبعض الثالث ينتهز الأحداث زاعما النقد والإصلاح بينما هو يدور في نفس الفلك القديم بل أسوأ، فبعد أن كان الشائع الاهتمام بعلوم الحديث والعقائد، يطرح هؤلاء قضايا عجيبة من قبيل تدخين النساء للشيشة والنمص وشرعنة استخدام الألفاظ القبيحة .
هذه الاختلالات ومرحلة فقدان التوازن أظن أنها ستضعف بمرور الوقت، وأن القادم سيكون امتداد لواقع الثورة وما تلاها، فتنشأ نماذج تتجاوز الأطر والتصنيفات القديمة، وتتسم بالرشد والتأصيل العلمي مع فهم جيد للواقع وامتلاك لأدوات التعامل معه.
التعليقات