تناولت آنفاً بعض الظواهر التي كادت أن تميز ما يسمى بشيوخ الآسك!!، وقد حاول البعض أن يحرفها عن مسارها إلى خلاف فقهي أو شخصي!! فمن قائل: ولم لا تناقشون هذه المسائل نقاشاً فقهياً وتبينوا فيها الحجة والدليل؟!
القضية ليست شخصية لمن هو مغموس في قلب الأمة وآلامها وقضاياها، لمن أوجعه قتل رجالها ذبح الشاء لا شربهم كوب الشاي، ولمن نغص عيشه غصب نسائها لا حجر الشيشة لامرأة بطالة لا تخدم زوجها وعيالها!!
ولهذا وغيره أقول: أنه من الخطأ أن ينجر ذو عقل إلى فعل ما أنكر للتو!! فإذا كنا نرفض مثل هذه الأطروحات فإنما نرفضها لإشغال الأمة عن قضاياها المُلِحة والخطيرة، فكيف يجوز لخَبِلٍ وغد أن يشغل الناس بإباحة النمص للمسلمة -ولو كان قولاً لبعض الفقهاء ولو حاول وضع الضوابط لذلك- ؛ ويثير زوبعة عظيمة؛ ومئات بل آلاف المسلمات قد اغتصبن في أرجاء الدنيا ونُمِصَ منهن كل موضع!!
وفي مناقشتنا لهذا الكلام الآن إنما هو انجرار “لفقهنة” القضية إن جاز للتعبير، أيها السادة إن خلافنا معكم ليس فقهياً، وليس في قول راجح أو مرجوح!! إن خلافنا معكم هو خلاف منهجي، فأنتم لا تشغلون الأمة عن قضاياها، ولا رجالها أو نسائها عن واجبهم فحسب؛ وإنما تشغلونها عن خيبتكم ونكوصكم عن نصرتها!!
أيها السادة؛ إنكم تصنعون مجدكم وأوضاعكم البغيضة الرخيصة في “المساحة الثانية” أو الضفة الأخرى، إذا افترضنا أن نهر الآلام هذا الذي تعبر فيه الأمة له ضفتان، فشاطئ يعج بالمقاتلين والمواجهين والثائرين ونحسب أننا وغيرنا كثيرون في هذا الجانب، وشاطى آخر عليه أنتم وأشياعكم، تختطفون من رصيد المواجهة؛ كل أولئك الذين يأسوا والذين عجزوا والذين غفلوا والذين خافوا وجبنوا!!
هذا هو وجه الخلاف بيننا ولن نترككم تفعلون ذلك ولن ننتقل إلى ضفتكم المحتلة فنناقشكم في قضاياكم الهامشية نقاشاً فقهياً بزعمكم وزعم الساذج الغرير.إن الفقه ههنا هو ضرب منهجكم نفسه لا شرعنته بفيقهته.
ومن القوم من قال: إن المنتقد أو المفند لهذه الأطروحات وأصحابها هو قليل البضاعة في الفقه !! وههنا يعن لنا أن نلقنكم درساً جديداً وهو: وإن كانت محاور الكون جميعاً تدور حول ذواتكم وشخوصكم عند أنفسكم؛ فلسنا كذلك ولله الحمد، فليكن إذن ما تقولون صحيحاً ولا مانع عندي على الإطلاق أن يكون كذلك في حقي أنا شخصياً، لكن هب أني لا بضاعة لي في الفقه ولا في الأصول ولا في في سلوكيات التسلق والوصول؛ بل هب جميعنا، فما نصنع بفقه لا نؤدي فيه حق الأمة والملة، بما استحفظنا من كتاب الله وكنا عليه من الشاهدين؟!
لماذا تكتشفون هذه القضايا تحديداً؟! لماذا لم تكتشفوا أقوال أهل العلم في الجهاد والحاكمية والجبت والطاغوت؟! وإنما اخترعتم ساعتئذٍ فقهاً جديداً سبق مرحلة النمص أسميتموه: “اعتزال الصراع السلطوي”!! أف لكم وتف والله!!
القضية ليست شخصية لمن هو مغموس في قلب الأمة وآلامها وقضاياها، لمن أوجعه قتل رجالها ذبح الشاء لا شربهم كوب الشاي، ولمن نغص عيشه غصب نسائها لا حجر الشيشة لامرأة بطالة لا تخدم زوجها وعيالها!!
وآخر وهو أبرز مجموعة “فقه الشاذ” هذه يقول: إن هذه أقوال معتبرة فمسائل كالنمص والدخان وقع فيها الخلاف قديماً وحديثاً، وكأنه أتى بأم العجائب أو أنه لا يعلم بهذا أحد غيره!! ، ويتندر في ذلك بجهل غر يحسب نفسه “شيخاً بالوراثة”!!
وهو في هذا لا يخلو من تدليس وعبث بعقول من يستمعون إليه او يتبعونه على غير بينة من الله ورسوله ﷺ، فليس كل خلاف معتبراً، وليس كل خلاف بقوي، وليس كل قول معمولاً به أو يقتضي وجود آثاره، فمنها الراجح والمرجوح والشاذ.
ثم تعالوا هنا -لا جاء الله بكم-؛ ما انشغالكم بالنمص والفعص والشيشة وخدمة المراة لزوجها ووضع طلاء أظافرها وقتل البرغوث في زمن بحار الدماء وقتل ابن الرسول ﷺ؟! لماذا تكتشفون هذه القضايا تحديداً؟! لماذا لم تكتشفوا أقوال أهل العلم في الجهاد والحاكمية والجبت والطاغوت؟! وإنما اخترعتم ساعتئذٍ فقهاً جديداً سبق مرحلة النمص أسميتموه: “اعتزال الصراع السلطوي”!! أف لكم وتف والله!!
وأقدم وأعجب أحجيات القوم هي ادعاء الاجتهاد بدعوى أن كل شيوخ الآسك هم فقهاء مجتهدون!! فما اعرض الدعوى وما أقصر طريق الوصول إليها عند هؤلاء، وأول ذلك بطبيعة الحال أن يتطاول على الكبار؛ فيصف كلام رجل كالإمام الشوكاني رحمه الله في مسألة بأنه: كلام فارغ “هكذا بالنص”!!
ويرجع هذا لا إلى سنة رسول الله ﷺ -حاشاه- وإنما إلى سنة الشيخ الألباني أحد أيقونات السلفية التقليدية؛ والذي كان يقول شراً من هذا في الشوكاني؛ رغم أن ذلك منه ليس كمثله منهم، فنال أولئك الأبعدون -بهاتين- إثم التطاول على الشوكاني وإثم محاكاة الألباني!!
صدقوني سندفعكم إلى التراجع للوراء ..
التعليقات