مفتاح الحياة

لا أوافق من يقولون أن المشوار مازال طويلا، فالنظام الأشل لا يزال يسند جسده المثقل المترهل الملعون على بضعة سنادات متهاوية، وقد عجزت رجلاه المشلولتان عن حمله، وتعاني أجهزته ومؤسساته من نخر العفن الداخلي بها لدرجة السرطان وقد تهلكه حمى بسيطة تصيبه من خراج بسيط، ولكن لابد من سرعة وقوة الحراك الشعبي قبل أن يسحق الشعب والوطن والأمة ويدمر ما لا يمكن إصلاحه بعد ذلك ..

نقطة الضعف الوحيدة في الحراك الحالي؛ هي إنهاك الكتلة الإسلامية الشديد بعد خمسة سنوات من الثورة، وخاصة محنة ما بعد الانقلاب؛ فالحركة الإسلامية هي الوسيط القادر على تحويل حراكات النخب أيا كانت إلى حراك شعبي !!

ولهذا السبب تحديدا؛ حرفت قوى الجاهلية المنظمة؛ الثورة إلى صراع بين هذه الحركة وبين القوى العلمانية، ثم لخصتها في قطبية ثنائية بين الحركة الإسلامية وبين النظام باعتباره ممثلا لهذه القوى !!

والحل يكمن في أن تضطلع الحركة الإسلامية بمسئولياتها التاريخية، وتتعالى على الألم وأسبابه، وأن تتصدر الصراع الذي أجبرها الجميع عليه حين رفعوها لقمته، وتعلم أن هذا هو وضعها الطبيعي أصلا !!

فلا يرفعوها إليه حين يريدون تدميرها وإحراقها فقط، ثم يسحبوه منها إن جد الجد، فلا يكون هناك أمل في الإصلاح والتغيير أبدا ..

ولابد أن يكون تصدرها لائقا بدورها وحجمها لا أن تنسحب من الواجهة وتبقى وقودا له، كما يرى بعض المنهزمين وساقطي الهمة من قادتها وبعض أفرادها؛ فإن هذا هو الذي أنشأ حالة الاستقطاب في الأولى، ثم أدى لحالة القطبية مع النظام في الثانية، وكلتاهما أسقطتا الثورة وتكادان أن تسقطا الوطن كله!!

وعليها ألا تستجيب لجميع محاولات التخويف والترويع من خصومها، والذين يهدفون إلى إسقاط مبادئها وتدمير كتلتها الحرجة والثقيلة، ولا يسقط المبادئ مثل معاكسة الحركة لاتجاهها، ففي ذلك تحقيق لجميع مقاصد القوى الجاهلة من أعداء الوطن والأمة والملة، وفي ذلك إسقاط للثورة أيضا بالاعتبار المذكور ..

فلا يمكن للحركة الإسلامية أن تتموضع حيث يشاء خصومها دوما، ولا ان تنضغط إذا ضغطوا، كما لا يمكن أن تكرر نفس اخطائها ولا أن يقودها إلى مصارعها نفس أولئك المخذولين الذين ساقوها من قبل إليها، ولا يمكن أن يكون المخرج والحل من محنتها الحالية- التاريخية والرهيبة- ؛ لا يمكن أن يكون بتكرار نفس أسباب هزيمتها إلى حيث سخط الله والناس، ولابد أن تصنع توازنات جديدة؛ ملخصها: كيف يمكن لجميع القوى السياسية التكيف والتعايش مع بقائها ووجودها ومناهجها، وليس العكس !!

الله قادر على أن يسقط النظام بنا أو بغيرنا، وعلى أن يحرك تلكم الجموع ويسوقها سوقا إلى هلاك الطغاة والظالمين، لكن ذلك لن يتم بغير وجود المعطى الرئيسي في النصر الحقيقي وهو بقاء مفتاح القدر النافذ بيد أصحابه وإلا استغلق ..


التعليقات