“كلكم كنتم تكفيرين واتحملنا هبابكم لسنوات” ؟! بهذه الكلمات غير الرصينة -في أفضل توصيفاتها- رد الدكتور زوبع على كلام أزعجه للدكتور ناجح إبراهيم أحد القيادات السابقة للجماعة الإسلامية ؛ وجاء رده هذا واصفا به الجهاديين والجماعة الإسلامية؛ مرتع الأبطال وملتقى الصناديد ومدرسة الشهداء ..
نعم اعتذر الرجل بعدها لكن القضية ليست في اعتذار ولا تقبيل خدود متورمة بعد صفعات عاتية، بقدر ماهي خبيئة نفس طفحت من فم الرجل في حالة تجلي معينة، ولا أبالغ أنها تمثل تصورا يقينيا في عقل فئة معينة من قيادات جماعة الإخوان وبعض أفرادها الذين لم يسمعوا إلا مثل هذا الكلام عن إخوانهم من بقية فصائل العمل الإسلامي.
وإن معالجة مثل هذه السقطات والتعامل معها بتلك البساطة وذلك التسطيح أي -الاعتذار ثم قبوله وإغلاق الموضوع- لهو أشبه بإغلاق الجرح على قيحه، وإنما الصحيح هو فتح الباب لمناقشة الإشكالية التاريخية والتكوينية في علاقة الإخوان ببقية الإسلاميين، خصوصا مع المنعطف الذي حصل في تلك العلاقة بحصول الانقلاب، والذي ينبغي أن يكون فرصة للمراجعة الفكرية والفقهية والواقعية؛ فضلا عن التاريخية.
وإذا كان كلام د.زوبع خص التيار الجهادي؛ الذي مازال حتى هذه اللحظة في ذهن كثير من إخواننا هؤلاء؛ مخابراتيا أو تكفيريا ودمويا على أحسن التقديرات؛ إلا أنه يعم ليشمل بقية الإسلاميين وخاصة السلفيين منهم رغم أعدادهم الهائلة والتي لم ينحز للباطل منها إلا فتات حزب النور.
هذه العقلية هي التي تجعلك وغيرك تظنون أنكم تستخدمون إخوانكم كردء يتقي به ثم يلقى به بعد زوال الخطر؛ وأنكم لم تفهموهم قط ولم تحبوهم قط ولم ترجوا “التوافق” معهم قط كما رجوتموه مع أعدائكم وأعدائهم .
وهي نفس العقلية التي جعلتكم بعدما كنتم أول العالمين بانتفاضة الشباب المسلم وأول المشاركين فيها لأهمية أعدادكم المنظمة؛ هي التي جعلتكم توقفون الحشد لها ليلة الحدث وتسارعون باتهامنا وتخويننا والإساءة إلينا.
والعجيب والمعيب أن هذه التصريحات النزقة تصدر من قيادة مثل د.زوبع في وقت لم تجف فيه بعد دماؤنا ولا دماء إخواننا الذين ذكرهم؛ في كافة ميادين مصر وفي رابعة والنهضة، كما يحتجز منهم ومنا الآلاف في سجونها ومعتقلاتها ..
لقد كنت أنت وأصحاب نفس هذه العقلية عونا للنظام عليهم، حين خونتهم واتهمتهم ووقفت بجانبه ضدهم بل انحازت هذه الفئة منكم في بعض المواقف إلى المتطرفين من نصارى مصر في فتنة طائفية كانوا هم الأظلم فيها، كما حدث في أحداث أبي قرقاص الذي صدر فيها بيان غاية في السوء عن مكتب فضيلة المرشد حامد أبو النصر وكذلك في احداث أخرى، ولو شئت يا دكتور زوبع لقصصت لك عشرات بل مئات المواقف التي حدثت منكم رغم كونكم إخواننا، فأنا ابن هذا الطريق منذ ثلاثين عاما وانا بعد غلام في الرابعة عشر.
قيل عن إخوانكم وقلتم: أنهم إرهابيون، وقيل عنهم وصدقتم انهم تكفيريون ، وقيل عنهم وسكتم أنهم قتلة ومأجورون صنعتهم أجهزة شيطانية معينة لإفساد الإسلام الوسطي الجميل الذي تمثلونه، رغم أنهم كانوا أسبق فهما واكثر وعيا وأصدق مواجهة للنظام منكم.
فاليوم؛ اليوم يا د.زوبع وما أدراك ما اليوم؟ وما أدراني ما اليوم؟ وما درى الناس ما اليوم؟ يقال فيكم ما قيل فيهم وزيادة ..
تذكرت يوما كنت قد دعيت فيه لندوة في “ساقية رابعة” وهي ملتقى ثقافي عقد في رابعة العز ، ورغم انزعاجي من محاكاة الاسم ل”ساقية الصاوي” وعندي بواكير حساسية مفرطة من المحاكاة عموما، إلا أن هذا لم يكن هو ما صرفني عن الحضور فاضطررت للاعتذار بعدما وافقت قبلها بيوم، وإنما كان اعتذاري حين علمت بأن الضيف الثاني في الندوة هو الدكتور حمزة زوبع ؟؟
وتاكدت بعدها أنني كنت محقا بعدما بدأت مرحلة تهريج ما بعد مذبحة رابعة كاستكمال للتهريج الفكري والاعلامي الذي مارسه البعض على منصتها والتي كانت تستحق أفضل وأجمل وأعقل مما كان يجري هناك ..
لكنه راق للبعض أن يكمل تلكم المسيرة في قناة الجزيرة مباشر مصر قبل افتتاح قنوات الشرعية بتركيا ..
وكان رائد هذه المدرسة للمفارقة أيضا هو الدكتور حمزة زوبع، حتى أنني قلت لأستاذنا الدكتور المحترم محمد علي بشر: ارحمونا مما يفعله د.زوبع على شاشة الجزيرة فلا وقت للتهريج ولن تستمر الجزيرة مباشر مصر للأبد ولا المساندة القطرية برمتها؛ على الأقل بنفس المستوى !!
اعتذر او لا تعتذر فمثلك يمثل خطا غير قويم في الأمة يهدد فيها حالة الولاء للأمة، والبراء من أعدائها؛ لأنه يكرس مفهوم الجماعة الأمة والأمة الجماعة، فيعقد عليها ولائه وبرائه ولا يكترث بخيانتها متمثلة في بعض فصائلها وفي اول منعطف لأنه لا يعتبرها أصلا إلا جماعته، هذا الداء هو الذي حدا ببرهامي وملئه ليفعل ما فعل ، وهو الذي حدا بمحفوظ نحناج ليفعل مثله من قبل دون غضاضة او حريجة تأخذهم في دين الله، وربما كنتم فعلتم مثلهم لو تبدلت المواقع والمقاعد بل هو غالب ظني في المتعصبين المنغلقين .
لكن ظني في الله وفي المؤمنين -ووثقت في ظني وفي المتوسمين- أن يأخذ ويرد عليكم إخواننا من خيرة شباب المسلمين من قواعد جماعة الإخوان المسلمين، أولئك الرجال الثوابت الأوابد الذبن بذلوا ومازالوا يبذلون دمائهم وحرياتهم واموالهم في سبيل الله وقد اكتووا بنار فتنة أنت وغيرك كنتم سببا فيها، ومازالوا هم ومازلنا نحن ومازال إخوانكم في الجهاد والجماعة الإسلامية يدفعون ثمنها ويتلظون بنارها وأوارها.
انتهوا خيرا لكم، وكفوا عنا ألسنتكم، وإياكم وما يعتذر منه فلم يعد العذر مقبولا ولا المسامحة ممكنة بعدما سلمتم القياد حينا بوسطية ابتدعتموها لم تكن هي وسطية الحق بين الأمم، فما رعيتموها حق رعايتها، وبعدما اختلط الدم الغالي في كل ربوع مصر.
التعليقات