أما الحزب “فحزب الله” في لبنان حيث ظهر زعيمه الكاريزمي الآسر حسن نصر الله وأحد الأقطاب الثلاثة الأقوى للطائفة الشيعية في العالم لأول مرة من وجهة نظري ضعيفاً مهتزاً يتخذ موقف المدافع والمبرر ، فهو لا يهدم الدولة اللبنانية فقط ويعلن نهايتها كدولة ذات سيادة من حقها تقرير المصير بالحرب أو السلام فقط
بأن يتفرد رغم كونه حزباً ومكوناً من مكوناتها بإعلان الحرب على المستضعفين في سوريا؛ بل يهدم الطائفة الشيعية في لبنان وربما في المنطقة العربية، فحزب الله كان في رأيي هو الحلقة الأقوى في دائرة المشروع الشيعي فيها، كما وأنه يعاني بالفعل ضغطاً داخلياً كبيراً جداً من مراجع الطائفة الشيعية في لبنان بل ومن عموم جماهير الطائفة التي يُقتل أبناؤها بغير ثمن ولا قضية ..
ولا يمكن هنا التسوية بين قرار المقاومة والقتال ضد إسرائيل وبين قرار شن الحرب على المسلمين الثوار في سوريا ، إذ لا يمكن التسوية في العقول السليمة فضلاً عن الشرع المطهر – حتى عند الطائفة الشيعية – بين دفع العدو وحماية الأوطان وبين البغي والعدوان وموالاة الطواغيت في ذبحهم لشعوبهم !!
كما لا يمكن إقناع عموم الجماهيرالشيعية في لبنان بعدالة القضية التي يقتل أبناؤهم في سبيلها، خاصة مع عدم اعتبار الطائفة النصيرية المرتدة عند عموم الفرق المنتسبة للأمة ومن بينها الطائفة الجعفرية الإثنى عشرية التي ينتسب إليها حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله ..
المسألة إذن في حقيقتها مجرد ولاء سياسي وليس أيديولوجياً ولا عقائدياً
المسألة إذن في حقيقتها مجرد ولاء سياسي وليس أيديولوجياً ولا عقائدياً، ومما يزيد الأمر سوءً كون هذه الحرب طائفية بامتياز وضد المستضعفين بجانب المستكبرين ، وهذه النقطة تحديداً هي الأخطر ؛ فحزب الله استمد قوته من تأييد أو بالأحرى انخداع عموم الأمة بصراعه مع العدو الصهيوني واعتباره جهاداً أممياً لا طائفياً
ولإن نصر الله في حقيقته قيادة ذكية جداً وربما لأنه كان مضطراً لفعل ما فعل بضغط حافظة النقود ومخازن السلاح في طهران ودمشق ؛ ظهر حسن نصر الله ضعيفاً مبرراً مهتزاً ربما للمرة الأولى في حياته ..
وأما الدولة “فإيران” والتي تمثل وفي الكفة الشيعية الأخرى في ميزان الصراع الدائر هناك في سوريا إذ فاز حسن روحاني برئاسة الدولة الإيرانية كرئيس مُحافظ في حقيقته ولكنه إصلاحي في واجهته!! فالمُعمم الخُميني – بمعنى “انتمائه للمرة الخُمينة” – يحمل في الواع نفس المشروع الصفوى المتنكر في ثوب “ولي الفقيه” ، وقد دعمه القائد أو مرشد الثورة، ووافق على ترشحه كذلك مجلس صيانه الدستور المقرب منه.
ومن المعلوم أن أي رئيس في إيران لا يعدو كونه في الحقيقة نائباً للمرشد، وقد أظهرت دوائر مقربة من الأخير ترحيبه بترشح سعيد جليلي ؛ وهو شخصية بسيطة وربما ضعيفة قليلة الخبرة إلا في ملفات بعينها مما كان يرجح لدي منذاللحظات الأولى عدم دعمه له بشكل حقيقي خاصة أن مكتب ولي الفقيه أو مرشد الثورة قد أعلن في وقت سابق ضمن فعاليات الامتخابات الرئاسية إعطاء الحرية كاملة لرجال الحرس الثوري وميليشيات الباسيج في اختيار من يشاؤن.
ولي الفقيه ومجلس تشخيص مصلحة النظام استطاعوا بمهاره وذكاء شديدين غسل “حوبة” التزوير لإرادة الشعب الفارسي والقتل والسحل في الشوارع أبان فضيحة التزوير التي أطلقت فعاليات الثورة الخضراء عام ٢٠٠٩م والتي نسب التأييد لها إلي “خمنئي” شخصياً في أخطر شرخ في علاقة المرشد بالشعب منذ قيام ثورة الخميني.
ولا نستطيع فصل هذه التفاعلات عن المشهد السوري حيث تضغط كثير من القوى الآن علناً بهتاف جديد فحواه: “إيران أولاً” في تذمر شعبي جارف من ضخ أموال الشعب الإيراني الذي لا تخفى معاناته على أحد إلى محرقة المعارك البشارية أو النصرلية ..
يبدو إذن أننا أمام فترة خريفية تتساقط فيها الأوراق ؛ أوراق الفتنة ، ولا أمك إلا أن أقول:
التعليقات