العبودية والأنوثة وكراهية الإسلاميين.

أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى العلاقة بين المجتمع الاستبدادي وبين انعدام الغيرة على النساء، وذلك في الحديث:

“صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ” .

لهذه المقاربة أبعادها النفسية

فالرغبة في الاستمتاع بالعدوان تجد متنفسا لها عبر المسار الجسدي في الفعل الأنثوي، كما تجد لنفسها متنفسا عبر المسار الاجتماعي، وهو التكيف مع الواقع الاستبدادي، حيث يتعامل الطرف الموجب في ذلك المجتمع، أي السلطة، مع الإناث ومع الجانب الأنثوي في الرجال. وكلا من الفعلين: الجسدي والاجتماعي، هو تعبير عن نزعة إلى التوحد بالمعتدي، والفرق بينهما هو الفرق في مظهر الرغبة وملابساتها.

تجلت هذه العلاقة بين الاستبداد وبين الأنوثة في المجتمع المصري بعد الانقلاب العسكري

بدءا من تصريح السيسي المسرب بأن المتحدث العسكري (جاذب للستات)، ومرورا بالصحفية الشهيرة التي كتبت مقالا بعنوان: (إنت تغمز بس يا سيسي)، وذكرت فيه أنها مستعدة لأن تكون (ملك يمين) له، وطبيبة الأمراض الجلدية المشهورة التي تحدثت عن السيسي حديث العاشقة لعشيقها (أنا بحبه أوي أوي أوي)، أو كما عبروا  عن سبب تأييدهم للسيسي بأنه (دكر). لقد كان الإقبال النسائي واضحا في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي دعا إليه السيسي، وبعد الانقلاب ظهرت ملابس داخلية سفلية ووسادات نوم مرسوم عليها صورة السيسي. لقد فشل مرسي لأنه أراده مجتمعا سليما، وهم أرادوه (دكر) كما وصفوا السيسي بعد ذلك، وهنا تبرز المشكلة

هل يتوجب علينا أن نكون طرفا في علاقة غير سوية مع المجتمع حتى يتسنى له حكمه؟

الواقع أننا لن نصل إلى السلطة أصلا إلا بمعونة من مجتمع سوي، أو بقوة قادرة على ردع ذلك المجتمع في حال كان وصولنا للسلطة أمر سابق على برئه من أمراضه. والسبب الرئيسي لانتشار ظاهرة كراهية الإسلاميين في المجتمع المصري، هو هذه النقطة تحديدا، أعني أننا، كإسلاميين، نحمل رسالة هي الأكثر عداءا بين الرسالات للنموذج الفرعوني في الحكم، وسط شعب هو الأكثر عشقا بين الشعوب لهذا النموذج. مجرد وجود الإسلاميين أثار حفيظة المصريين، لأنهم تعودوا على نمط من التدين لا يعتبر تهديدا لواقعهم السياسي، والوجود الإسلامي، حتى لو كان وجودا متكيفا معهم، مثل الحالة السلفية أو الإخوانية، فإنه مثير للارتياب دائما، هذا رغم مظاهر الاحترام التي يبديها المصريون للمتدينين عموما، فهو احترام لا يخلو من حذر. جدير بالذكر أن كل تلك التفاعلات بين الإسلاميين وبين المجتمع هي تفاعلات تحتية (لا شعورية) سواء كان عشق السلطة المستبدة، أو كراهية الإسلاميين بسبب هذا العشق، أو استسلام بعض الأنماط الإسلامية لهذه الكراهية وتراجعها عن هدف تغيير الواقع.. وما يظهر على السطح هو محصلة تلك التفاعلات.. والصيغة النهائية للتسوية بين تلك القوى المتضادة.


التعليقات