التكييف والتوصيف الشرعي والسياسي لمبارك والسيسي متشابه ومتطابق من وجهة نظر السلفية.. فكلاهما حاكم متغلب وكلاهما يؤدي الخروج عليه إلى مفاسد وإضرار بالوجود الإسلامي.. إلخ.
السؤال هنا: طالما أن التكييف الشرعي والسياسي واحد بين هذا وذاك.. فلم أبدت الدعوة هذا القدر الهائل من الحماسة في دعم السيسي بشكل مباشر في الوقت الذي ا كتفت فيه مع مبارك بتجريم معارضته والتنفير منها؟ لِمَ لم يصل بها الأمر أيام مبارك إلى وضع ملصقات لصورته ودعمه في الاستفتاءات مثلما تفعل مع السيسي رغم أنها كان يمكن لها استخدام نفس المبررات أيام مبارك؟
والدعوة السلفية شأنها في ذلك شأن العبيد.. فالعبيد لم يظهروا بهذا الشكل السافر إلا بعد الثورة.. رغم أنهم قبل ذلك كانوا سبابين وشتامين في مبارك ونظامه وشرطته.. لكنهم كانوا يعلمون أنه سباب لا يضر، ولا يؤدي إلا زوال النظام الذي يشكل وجودهم السياسي.. أما بعد الثورة فتغيرت لهجتهم تماما وأسفر جانبهم اللاواعي المظلم بشكل ربما لم يتوقعه الكثيرون.
هذه الملاحظة تؤكد أنا الدافع المحرك للدعوة السلفية في المجال السياسي ليس هو التكييف الشرعي والسياسي للسلطة.. بل العلاقة النفسية بها.
أيام مبارك كان الاستبداد مستقر ولم يكن مهدد بالزوال.. فكانت البناء النفسي عند السلفيين مستقر لأنه الاستبداد هو أهم أركان وأجزاء ذلك البناء.. أما بعد السيولة المجتمعية بعد ثورة يناير، فالأمر بحاجة إلى تدخل سافر وطارئ وغير معتاد من ذلك الجانب المظلم في الدعوة السلفية والمتعلق بضرورة وجود استبداد.. ذلك الجانب الذي لا يشعرون هم أنفسهم به.. لدرجة أنك لو تنبأت لأحدهم أيام مبارك بما يحدث الآن من الدعوة السلفية تجاه السيسي لرماك بالشطح والشطط ولتندر على كلامك وسط أصحابه.
والدعوة السلفية شأنها في ذلك شأن العبيد.. فالعبيد لم يظهروا بهذا الشكل السافر إلا بعد الثورة.. رغم أنهم قبل ذلك كانوا سبابين وشتامين في مبارك ونظامه وشرطته.. لكنهم كانوا يعلمون أنه سباب لا يضر، ولا يؤدي إلا زوال النظام الذي يشكل وجودهم السياسي.. أما بعد الثورة فتغيرت لهجتهم تماما وأسفر جانبهم اللاواعي المظلم بشكل ربما لم يتوقعه الكثيرون.
وربما يقرأ لي الآن بعض الشباب السلفي الذي لا يرضى بما يفعله حزب النور، ويستنكر عليّ الزج باسم الدعوة بسبب تصرفات حزب النور.. أقول لهذا الشاب: ما بداخلك من سخط على حزب النور لا يصدر عنك كشاب منتمي للدعوة السلفية.. ولكن كشاب إسلامي حر يفكر بإسلاميته قبل أن تتلوث بمسألة (ولي الأمر).. أما تلك الدعوة التي تنتسب إليها فهي من دعمت الاستبداد في كل عصر وفي كل بلد.. تارة بالسكوت وتارة بتجريم من يعارض النظام ولو بالنصيحة العلنية.. وحزب النور ملائم لها وصادر عنها في ذلك.. وأنت حين تدين وتعترض على حزب النور وبرهامي في الوقت الذي تصر فيه على الانتساب لتلك الدعوة واحترام شيوخها فأنت تدور في حلقة مفرغة.. فتنكر المنكر وتتمسك في الوقت ذاته بالبيئة التي صدر عنها هذا المنكر.. وهي البيئة التي يمثل الاستبداد فيها أحد مكوناتها وركائزها.
وربما تدين بالفضل لأحدهم أن علمك ووجهك وعرفك إلى الله.. وهذا شعور طيب يأجرك الله عليه.. لكن هذا بينك وبينه كشخص.. لكن الدعوة السلفية نفسها لا أرى لك خيرا إلا بإعلانك البراءة منها، فلا أحب لك أن تلقى الله وأنت منتسب إليها أو مدافع عنها أو فخور بها.
التعليقات