نظم البيان في مدح العربية

حَتَامَ يا قولُ حرفُ الضادِ يضطرمُ *** طَبيعةٌ فيهِ أم ضجتْ به اللُجُمُ
أم أنَّ كلَ فصيحٍ قَولُهُ فَصّْلٌ *** فَلَيسَ يُبْهَمُ ولو لَمْ تَفْصُحُ العَجَمُ
أَم أنَّهُ القَوُلُ مَفْهُومٌ وَلَو قُرِأَتْ *** مِنْهُ المُتُونُ، اسْتَبَانَتْ نظمه القُثُمُ
أقَامَ في عِلمِهَا للنّْحوِ قَاعِدَةً *** هذا الأريبُ عليُ المفردُ العلمُ
فقامَ مِنْ فورِهِ ما ضَلَّ صاحِبُهُ *** أبو السوادِ بنُ عَمروٍ عنهُ يَغْتَنِمُ
فما تَقَلَبَ علمٌ في الرِجَالِ كَمَا *** هذا البديعُ فحرفُ الفعل والِاسمُ
وما تَعجُبُ قَومِي في العَروضِ وما *** هذا القريضُ وما قَالَتْ بهِ القومُ
ولستُ أنْكرُ أنّي لا أقُارعُهمْ *** أَو قَدْ أُباري ولا شِعرٌ سوى بِهِمُ
فَكُلُ قَافِيَةٍ فِي الشِعْرِ أَحْكَمَهَا *** عِلمُ الخَلِيلِ بِنَظمٍ زَانَهُ النَّغَمُ
بحورُ شِعْرٍ فلا ماءٌ ولا شطٌ *** فِي قَاعِهَا الدرُ، وَالمَرجَانُ منتظمُ
مِيزَانُ عَدْلٍ بِلَا كَفّينِ تضبطُهَا *** مَا طَفْفَ الكَيلَ مِنهُمْ ثَمَّ مُتْهَمُ
إنّي لأعْجَبُ مِنْ قَولِ العدا حَسَداً *** أمًا اسْتَضَاءَتْ نُورَاً فِي عُقُولِهِمُ
يُنْسَى جَمَالُ كَلامِ اللهِ في لُغةٍ *** وفي عُكَاظِ بَدِيعُ الشِعرِ قَبلَهِمُ
سبعٌ كرائم قد كانت مُعَلَقَةً *** عَلى سَتَائِرِ بيتِ اللهِ  تُحتَرَمُ
وقد أَطَاقَتْ مِنَ الأَقْوالِ أثْقَلَهَا *** حِمْلَاً وَأمْرَاً قَدْ ناءت به القممُ
أمَا دَرَوا كَيفَ صَانَ اللهُ كِلْمَتَهُ *** أنْ لَا يَبِيعَ كَلامَ اللهِ مَنْ ظَلَمُوا
كَمَا رَأَوا فِي بِلَادِ النِيلِ أَزْهَرَهَا *** فَكَانَ للنًّاسِ فَخْراً صِنوهُ الهَرَمُ
تَذُودُ عَنْ حَوضِهِ بِالحَقِ مَشّيَخَةٌ *** لَولَاهُ فُكَّتْ عُرَاهَا فَهْيَ تَنْفَصِمُ
تَاللهِ مَا طَمِعَتْ فِيهُ الغُزاةُ فَسَلْ *** لُوِيسَ وَسَلْ جِنْكِيزَ كَمْ هُزَمُوا
حَمَى الإَلَهُ لُغَاتِ العُربِ قَاطِبةً *** مِنَ الخَرَائِبِ حِصْناً فِيهِ مُعْتَصَمُ
لَولا حَبَاهَا اللهُ الحَقُ مَكْرُمَةً *** لَكَانَ كُلً بَلِيغِ القُولِ يَنْهَدِمُ
كَانَتْ وِعَاءَ كَلَامِ اللهِ في يُسْرٍ *** مِدَادُهُ البَحْرُ والأشجارُ والقلمُ
جِبْرِيلُ جَاءَ لِيَومَ الغَارِ مُؤتَلِقاً *** إِذْ تَنْزِلُ الآياتُ فيه والحِكَمُ
وَرُغْمَ كَونِهِا قَدْ قُطِعُتْ أُمَمَاً *** تِلكَ الخَلَائِقُ لَمْ تَعْجَزْ بِهَا الأُمَمُ
فَوَحْدَتْ عَلَى الهُدًى مِنْهُنَ أفئِدَةً *** كَانَت عداوتها بالبَيْنُ تَحتَدِمُ
وأَحْرُفً لا أملُ الدهرَ مًنطِقهَا *** مَرسُومَ طَيرٍ بِهِ العُقبانُ والرُخُمُ
تَخَالُ أَحرَفَهَا مِنْ فَرطِ رَوعَتِهَا *** نَقشٌ تَتَابَعَ فيه النَقطُ والعَجْمُ
ياربِ صَلِ عَلَى المُخْتَارِ سَيدِنَا *** نَهْجُ البَلَاغَةِ مَجْمُوعٌ لَهُ الكَلِمُ
وأعلِ شَأنَ بَنِي المُختَارِ كُلِهِمُ *** وَصْلُ القَرَابةِ فيهم خَطْبَ وُدِهِمُ
ثمَّ الصحَابةِ والأتبِاعِ مِا طَلَعَتْ *** شَمْسٌ وغَابَتْ، وَفِي القُرْآَنِ حُبِهُمُ


التعليقات