فالإحساس بالوالدين يعمق في الإنسان الإحساس بالعبودية لله سبحانه إذ إن العبودية في حقيقتها هي الخضوع لله والإحساس بسلطانه علينا؛ ولذلك فان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقر بعبوديته لله فانه يقر كذلك بعبودية والديه ليزداد الإحساس بالعبودية عمقا، فيقول: (اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضي في حكمك، عدل في قضاؤك).
الإحساس بالوالدين حماية للإنسان من فقدان الإحساس بسلطان الله علينا، حيث إن فقدان هذا الإحساس هو سبب الجبروت والشقاوة والعصيان..
فيتضح من الحديث كيف أن الإحساس بسلطان الله – الذي عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (ناصيتي بيدك ماض في حكمك) – بدأ بإقراره بعبودية والديه.
ومن هنا كان الإحساس بالوالدين حماية للإنسان من فقدان الإحساس بسلطان الله علينا، حيث إن فقدان هذا الإحساس هو سبب الجبروت والشقاوة والعصيان؛ ولهذا يقول الله سبحانه على لسان عيسى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} (مريم: 32)، وعن يحيى؛ {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا} (مريم: 14).
كما كان ذكر عيسى عليه السلام دائما بقول الله: {عيسى ابن مريم} من أساليب الإثبات لعبوديته، غير أن هناك موقفا أقوى تأكيدا لقيمة الإحساس بالوالدين كحماية من الغرور، وهو موقف يوسف عليه الصلاة والسلام في لحظة التمكين عندما سجد له اخوته، فكانت معالجة هذا الموقف أن يوسف رفع أبويه على العرش؛ ليشعر بسلطان الله عليه، وعبوديته له، ومن هنا كان الإحساس بالوالدين ملازما لعبوديتنا لله في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، وكان معنى الشكر للوالدين ملازما لمعنى الشكر لله في قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: 14).
التعليقات