تعالوا نتفق على أن إحدى أهم الإشكاليات المعاصرة التي تعاني منها الحركة الإسلامية هو ادعاء الشمولية داخل كل جماعة وتنظيم، بحيث ينظّر كل فريق لأتباعه بأن فصيله هو الإسلام نفسه بشموله وكماله، دون أن يكون ذلك حقيقة في الواقع!!
أريد هنا أن أؤكد على أن الحركة الإسلامية بتوجهاتها الثلاثة (الجهادية – الدعوية – السياسية) لا غنى لها عن بعضها، ولابد من اعتراف أصحاب كل توجه بحصول خلل عندهم بسبب قصورهم في أداء الواجبات الأخرى، أو على الأقل التعاون مع أصحابها.
في ظل هذا الاضطراب العام تظهر حماس كحركة ناجحة (إلى الآن) في تحقيق جزء كبير (وليس كل) من هذه المعادلة الصعبة
1- فالمدرسة الجهادية تعاني من خلل علمي سياسي، ولذلك ترى عددا من الشرعيين عندهم يجهلون جوانب أصولية في التعامل مع النصوص وطريقة الجمع بينها عندما يكون ظاهرها التعارض. كما أنهم لا يحسنون مداراة الأعداء أو التفاوض معهم عندما يقتضي الأمر ذلك، وهذا لأنهم أهملوا الفكر السياسي.
2- المدرسة العلمية والدعوية انكفأت على نفسها حتى رضيت بما هي عليه من الخنوع والعيش في ظل الطواغيت في إطار الدين المسموح لهم ولا يستطيعون التطرق لما يستفز الحكام وأذنابهم، بل إن فكرة التغيير لم تعد مطروحة أصلا داخل أروقتهم!!
ومصيبتهم الأخرى أنهم إذا تكلموا في الواقع ظهر للطفل الصغير أنهم يجهلونه بشكل مطبق، لدرجة أن السامع يظن المتكلم من كوكب آخر.
3- المدرسة السياسية رفضت امتلاك أسباب القوة التي تجبر العدو على احترامها عند اللقاء أو التفاوض، لذلك تكون النتيجة دائما هي الانحدار في مستنقع التنازلات الذي ليس له قاع. والأسوأ عندهم أنهم صاروا يستخدمون مصطلحات (العنف – الإرهاب) بنفس المفهوم الذي تستخدمه فيه أمريكا والغرب، وصاروا يطلقونه على كل حركة مقاومة غير تابعة لهم!!
وللأسف.. تبدو إيران هي المثال الأبرز في تحقيق النجاح والتفوق محليا وإقليميا ودوليا.
كما أن حالة التماوج الأخيرة أظهرت جهلا شديدا عند أتباع هذه المدرسة بكثير من الأصول والثوابت الشرعية.
في ظل هذا الاضطراب العام تظهر حماس كحركة ناجحة (إلى الآن) في تحقيق جزء كبير (وليس كل) من هذه المعادلة الصعبة، فرغم كل التحديات التي تواجهها.. استطاعت أن تحافظ على منظومتها العسكرية وتطورها بشكل ملائم وفقا للإمكانات المتاحة. كما أنها مازالت محتفظة بانتمائها السُنِّي رغم تعاملها مع إيران الرافضية.
وللأسف.. تبدو إيران هي المثال الأبرز في تحقيق النجاح والتفوق محليا وإقليميا ودوليا. حيث لها أجنحتها وميليشياتها المسلحة، ولها منظومتها السياسية التفاوضية، ولها أذرعها التي تنشر التشيع في شتى بلاد العالم…
ورغم ذلك يبقى في الأفق (من وجهة نظري) مثالان من الممكن أن يتحسن أداؤهما في الفترة القادمة:
1- (حركة حسم – مصر) التي خرجت من رحم جماعة الإخوان.
2- (هيئة تحرير الشام – سوريا) التي خرجت من رحم تنظيم القاعدة.
حيث تحدث عندهم هزّات ورجرجات تساعدهم على المراجعة والتقييم والتصحيح، وأظن أنهما ستجدان دعما شعبيا وحركيا يساهم في بقائهما -بل- وصدارتهما لمشهد المواجهة مع الجاهلية خلال الحقبة المقبلة.
والله من وراء القصد.
التعليقات