تركته وهو ابن سنتين لا يدرك الكثير.. هاهو يقترب من عامه الخامس، ولأول مرة منذ ابتعدت عنه يسألني هذا السؤال وقد ظل حبيسا في صدره لا يسعفه عن إبدائه البيان..
أبي لم لا تأتي إلي دارنا؟ تعال معنا الان .. إن لم تأت سأغضب منك..
وَعَيْتُ الدَّرْسَ
يبادرني فأعياني الجواب *** وهاجمني بسؤل لا يجاب
رماني إذ غفلت عن الصبي *** أفقت وقد أصابني النشاب
سهام قد أتتني من صغير *** علي شفتيه ينطلق العتاب
ففاجأني وغار القول مني *** تلعثم حين خامرني اضطراب
أبي لم تأت مذ ادركت يوما *** إلي دار لنا فيها الإياب
وما أبصرت في أركان بيتي *** صدي صوت ولا نشرت ثياب
سوى صحف واقلام موات *** فبعدك قد تناهشها التراب
وأمي حدثتني عنك دوما *** وذكري إذ أقاربها سراب
متي تأتي فتطرق باب داري *** لتؤنسني فقد طال الغياب؟
متي تأتي تلاعبني ونمضي *** نخوض البحر يحملنا العُباب؟
ونجري في البرايا لم تسعنا *** من الفرح السهول أو الهضاب
بُنَيً وهل تعي مني حديثا؟ *** ومثلك ياابن خمس لا يعاب
ولكن أرعني سمعا وقلبا *** فأنت الشبل بل أسد غضاب
فإن تكبر تري الدنيا كغاب *** بها الأطفال يذبحهم عذاب
صغار الضأن تسري في المراعي *** تحرسها من الراعي الذئاب
لآهات الذبيح صدي رهيب *** وأبطال تمزقهم حراب
وسوط البغي ينهش كل حر *** وعربد فيهم سن وناب
وزهر الحب قد أضحي كسيرا *** وشمس الحق يحجبها الضباب
ومدرسة عرفت بها رفاقي *** تهدم صرحها, حرق الكتاب
ملاعب قرية تبكي فراقا *** إلي الجبهات قد هب الشباب
تناديهم أيا صحبي رويدا *** خذوني لا يصيبنيَ اغتراب
فإني إن بسطت رداء لهو *** معسكر والدماء لي الخضاب
حبيبي ماتركتك باختياري *** فصوت الحق مسموع مجاب
فآليت المسير إلي المنايا *** وفي الهيجاء يحلو لي الضراب
بسيف الحق أطعن كل باغ *** نحور المجرمين له قراب
لأجل الدين قد فارقت أهلي *** إلي الجنات يحلو لي الذهاب
وحين تشب تمضي في طريقي *** وليث الغاب حتما لا يَهاب
وتمضي شامخا لتعيد مجدأ *** تسامى لا يطاوله الشهاب
عرفت أبي فطب نفسا وأبشر *** سيطرق سمعك الفعل العجاب
فإني قد وعيت الدرس حقا *** عرفت مهمتي وصل الخطاب
بروج الفخر إن تعلو فإني *** سأبلغها وإن هاجت صعاب
وأما الظالمون فثق حبيبي *** علي عجل فيأتيهم عقاب
د. إسلام الصياد
2/2/2017
التعليقات