تساءل الدكتور مصطفى محمود هذا السؤال منذ سنوات عديدة، مستحضرا كيف أنه عندما ذهب إلى أمريكا، وأثناء وقوفه بمحطة وقود وطلبه للقهوة كما هو معتاد وجد العامل يقوم بإغلاق ثلاجة (الخمور) قبل الكريسماس، وعندما سأله عن ذلك: أجاب العامل احتراما لميلاد المسيح!! وتساءل في تعجب لماذا لا نقوم بمثل هذا الفعل، ونحترم شهر رمضان…؟!!
المخالفة العقدية أعلى بكثير من المخالفة العملية، يعني تأليه العبد والحط من مقام الإله أخطر من النظر لراقصة أو متابعتها!!
في الحقيقة أن أغلبنا يحترم شهر رمضان، لكن أصحاب الألوية والرايات الحُمْر يسارعون في محاولة (إغراق) الشهر في روبة من الفضلات، فلماذا هذه المسارعة منهم وهذا البطء من الغربي المسيحي؟!! وهل العالمانيون واللادينيون العرب أكثر إيمانا بمعتقدهم من نظرائهم في الغرب؟!!
الإجابة … لا .. إن من عندنا أفراخ من عندهم وربائبهم الذين يسيرون وراءهم مسير الذي يتخبطه الشيطان من المس، لكن الأمر سهل يسير…
فالشيطان (عندهم) لا يريد أكثر من احتفال العامة (بمولد الإله)… نعم مولده، هكذا يعتقد المسيحي، ولد من رحم امرأة بكل ما تحمله من معان متصورة في هذا الشأن، إنه إزراء بمقام الألوهية، وحط من شأنه لا يعدله فعل مُحَرَّم أو مُجَرَّم، فلماذا يتدخل الشيطان وأفراخه من أصحاب الألوية والرايات عندهم لصد (العامة) عن الاحتفال بمناسبة كفرية يتم فيها الوصول لأعلى درجات المخالفة والكفر والاحتقار لمقام الألوهية، وطعن في قواعد الربوبية… بل إن الشيطان يريد زيادة (تقديس) لهذه المناسبة في نفوس العامة، فالمخالفة العقدية أعلى بكثير من المخالفة العملية، يعني تأليه العبد والحط من مقام الإله أخطر من النظر لراقصة أو متابعتها!!
ولا تزال طائفة منه على الحق ظاهرين لا يضرهم من خزلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، ولهذا استحقت هذه الأمة – على ما فيها من انحرافات جزئية – خيرية الأمم، ونبراس هدايتها، فهي تمرض، لكنها أبدا…. لا تموت.
أما (عندنا) فما (زال) الوله بالشهر الفضيل مركوز عند العامة، فلا مدخل للطعن العقدي المستقر إلا من باب الصد بفتح أبواب الشهوات، التي (تزعزع) تلك العقيدة المستقرة، وتزاحمها، ولهذا يرسل الشيطان زبانيته للصد والرد والإلهاء، ويتولى (المهمة) عنه أصحاب بشرات مشابهة لبشرتنا، ويحملون دمًا أحمرًا كدمائنا، لكن المُنْتَج غير!! فالقاتل والمقتول كلاهما من طين، لكن القاتل استعمل (الآلة) في إزهاق روح تسري مثيلتها في جسده…
إن الفرق بين طرائق الشيطان وأعوانه في الغرب المسيحي في واقعة (الكريسماس) أو (الفصح) وبين طرائقه في ديار المسلمين تمثل الفرق في الانحراف عن المنهج الرباني، فمن انحرفت عقيدته بالكلية، على المستوى العام والخاص، يختلف عمن انحرف جزئيا، من الناحية العقدية، وعمليا جوارحيا باتباع الشهوات، ولا تزال طائفة منه على الحق ظاهرين لا يضرهم من خزلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، ولهذا استحقت هذه الأمة – على ما فيها من انحرافات جزئية – خيرية الأمم، ونبراس هدايتها، فهي تمرض، لكنها أبدا…. لا تموت.
التعليقات