حقيقة العلاقة الإيرانية الأمريكية

العلاقة الإيرانية الأمريكية معقدة ومتشابكة، والنظر في تاريخها، ونشوء حكم الخوميني وكيفيته له تأثير في الحكم على طبيعة هذه العلاقة…

وحقيقة العلاقة بين الطرفين أنها علاقة ندية لكن بينهما تعاون تكتيكي، فالأمريكان والغرب عموما لا يمكن أن يثق فيما هو إسلامي، حتى ولو كان شيعيا..

لكن الملفت أن البعض عندما يرى التهاوش بينهما ينفي تماما أي تنسيق أو تبادل منافع بينهما، ويجزم بعلاقة العداوة التي تؤصلها وتُنَظِّر لها أمريكا وإيران..

والبعض الآخر عندما يرى التنسيق بينهما، وانتفاع كل منهما بدور الآخر داخليا وإقليما يجزم بأن جميع ما يحدث في العلن عبارة عن تمثيليات وهمية لا حقيقة لها..

وكأن الحق وسط بين الرأيين اللذين كل منهما له دلالاته وشواهده، والوقوف والتمسك ببعض الدلائل وتأويل أو الغفلة عن البعض الآخر يعطي نتائج مغلوطة…

وحقيقة العلاقة بين الطرفين أنها علاقة ندية لكن بينهما تعاون تكتيكي، فالأمريكان والغرب عموما لا يمكن أن يثق فيما هو إسلامي، حتى ولو كان شيعيا، نعم .. يقوم باستخدامه، والتعاون معه في بعض المواضع للكيد في الكتلة الإسلامية الأكبر، وهي الكتلة السنية، والخطر الحقيقي على أمريكا والغرب إذا استفاقت..

وأمريكا وإسرائيل لن تتخليا عن التواجد الإيراني في المنطقة، فهو البعبع أو العفريت الذي يتم التخويف به للدول القزمة في المنطقة، وحتى الدول الممتدة الرقعة، وهذا التخطيط كان قديما..

والإيرانيون أيدلوجيون، وهو ما يمنع التحالف الاستراتيجي الدائم مع دولة مسيحية تظهر لها العداء، لكنها تعرف يقينا أن لها عدوا تعتبره هو العدو الأكبر للأيدلوجيتها في المنطقة والعالم، وهي الدول السنية بصفة عامة، أو على الأقل الدول السنية التي تقترب من تذكر واستحضار أنها دولة إسلامية سنية! وإلا فوضع الدول السنية مزري..!!

كذلك فإن زعامة إيران ونشرها للمذهب الشيعي في المنطقة والعالم منوط بهذه الحرب، فبقاء الحرب بينها وبين أمريكا وبعض الدول الغربية هو ما يكسبها مشروعية، ويؤكد أنها من محور المقاومة كما تزعم في كل مناسبة..

وأمريكا وإسرائيل لن تتخليا عن التواجد الإيراني في المنطقة، فهو البعبع أو العفريت الذي يتم التخويف به للدول القزمة في المنطقة، وحتى الدول الممتدة الرقعة، وهذا التخطيط كان قديما، إذ إن بريطانيا – مورث أمريكا – حرصت أشد الحرص على عدم استيلاء الملك عبد العزيز على الإمارات الصغيرة على الساحل الشرقي للجزيرة العربية، وأوقفته عند هذا الحد، بالرغم من سهولة تلك المعارك، وقدرته على الاستيلاء على الساحل المتصالح وغيره، التي أصبحت بعد ذلك الدويلات الخليجية..

إذن .. فكل من الدولتين – أمريكا وإيران – يحتاج في مصالحه إلى الآخر، وكل منهما يحتاج أن يواجه الآخر، لكن المواجهة دائما محسوبة..

وكان من مقاصد هذا المنع وجود هذه الدويلات الصغيرة التي سيكون بها موارد ضخمة على الساحل المقابل للساحل الإيراني (الخليج العربي)، بحيث تكون هذه الدويلات في خطر دائم من الدولة الشيعية القوية الممتدة على الساحل الآخر، والتي تخالفهم في كل شيء..

إذن .. فكل من الدولتين – أمريكا وإيران – يحتاج في مصالحه إلى الآخر، وكل منهما يحتاج أن يواجه الآخر، لكن المواجهة دائما محسوبة، فإيران لا قبل لها بأمريكا، وأقصى أمانيها أن تحصل على مكاسب أكبر، وأمريكا لا تريد إزالة إيران من المنطقة، فنتج عن ذلك وجود علاقة حقيقة من المواجهة، مع علاقة تكتيكية من تشابك المصالح، وأحيانا تتغلب الأولى على الثانية، وكثيرا ما تظهر الثانية وتختفي الأولى…


التعليقات