الانهيار أمام ضغوط الواقع

هناك دائما أعداد متفاوتة من الشخصيات الهشة والضعيفة في الحياة، والتي تنساق مع ضغوط الواقع. ومع ذلك فالناس عبر تاريخهم لم ينظروا إلى هؤلاء على أنهم النموذج المثالي، أو القدوة التي يقدمونها للأجيال. بل إن الحقيقة كانت في العكس تماما، حيث يقدر الناس الشخصيات القوية، ذات المبادئ الأخلاقية الراسخة، والمواقف التي تتحدى الصعاب ولا تنحني لها.

إن إبراز نماذج السقوط، الذي يعبر عن انهيار أصحابه، يحمل ولا بد قدرا من تمرير السقوط، والترويج له. كما أن البديل ليس هو التعامي عنها، وإنما هو علاجها – لو أمكن -، فإن الأصل في الإنسان ألا يكون ساقطا، وألا يرتضي السقوط لنفسه.

وحدثنا عن انكسار تلك الظاهرة بانكسار ما استندت عليه من واقع ضاغط، فانكسرت أولا بانكسار وهم الناصرية في أحداث 1967 المخزية، ثم انكسرت ثانيا بموت صنم الناصرية، فماتت كثير من الأفكار التي كانت تقتات من الانهيار أو الانبهار. 

لقد حدثنا شيخنا الراحل/ رفاعي سرور – رحمه الله – عن ظاهرة الردة في الحقبة الناصرية التي عاصرها في أول شبابه، وكيف كان الشاب ربما يفتخر بإلحاده، على سبيل المبالغة في إظهار الانحراف والتمرد. في ظل واقع مستبد لم يكن يسمح لأحد بإظهار التململ منه، فضلا عن التمرد عليه. وفي ظل حملة شرسة على الدين وأهله، تتيح لكل راغب أن يكون له دور في هذه الحملة.

وحدثنا عن انكسار تلك الظاهرة بانكسار ما استندت عليه من واقع ضاغط، فانكسرت أولا بانكسار وهم الناصرية في أحداث 1967 المخزية، ثم انكسرت ثانيا بموت صنم الناصرية، فماتت كثير من الأفكار التي كانت تقتات من الانهيار أو الانبهار. 

ومن المعلوم أنه اكتمل انكسارها بالصحوة الإسلامية في السبعينيات، وما تلاها، وليس هذا هو محل الشاهد في كلامنا. بل محله بيان أن ما رآه البعض اليوم، قد رآه غيرهم من قبل، فلا جديد. ومحله أن ما كان وجوده بسبب ضغوط الواقع، كان زواله بزوالها أيضا. ومحله أن الأيام دول، وأن العاقبة للمتقين.

ولتعلمن نبأه بعد حين.. 


التعليقات