التأريخ والأدلجة بالفكاهة والتسلية

إنها أخطر الحيل التي وصل إليها الشيطان وزبانيته في العصر الحديث، فتزوير التاريخ، وبث الأفكار الفاسدة كان من الأمور التي استعصت على الشياطين (الأوائل)، فالأمية المنتشرة كانت مانعا وحائلا (للبث)، فضلا عن السآمة والملل الذي يعترض عمليات تزوير التاريخ والأدلجة الفاسدة، فجاءت فكرة القصة والرواية باعتبارها أحد الحلول لهذه المعضلة، فكثير من الروايات المعاصرة تحمل العديد من الأفكار والأيدلوجيات التي تحاول تشكيل الوجدان، وتوجيه الفكر في صورة تسلية، وكوميديا، ورواية ناصحة، تحمل قدرا كبيرا من الترفيه واللامباشرة التي (تمرر) الفكرة، وحتى إن لم يتشكل وعي المتلقي أو يتغير فهو لا يمنع منه، كونه لا يفهم رسالة ما وراء التسلية، فيعتقد فيها ترفيها…

ثم جاءت المرحلة الثانية في تحويل الروايات والقصص إلى أعمال (مجسمة) تشخيصية وتمثيلية، فأصبحت أكثر نفوقا ويسرا في الوصول إلى قطاع أكبر، في صورة أفلام ومسلسلات ونحوها، واكتملت هذه المرحلة بالكتابة الخاصة لهذا الفرع بما يحويه من خصوصية، وزيادة في التشويق، واستغلال التقدم التقني في الإبهار..

وعلى هذا فقد صدق الكذوب في قوله (الفن رسالة)، فهو ليس للتسلية والترفيه فقط؛ وإنما يحمل (رسالة) طي هذه التسلية والترفيه، لكنها رسالة في الغالب تضاد (رسائل) الحق! إن القصة والرواية أصبحت أداة هامة في تشكيل الوعي المعاصر، وقد غفل عن هذه الأداة الكثير من الإسلاميين، بالنظر إلى (الجدية) التي تغلف رسائلهم، وبالنظر إلى حالة الجمود على الوسائل التقليدية في المواجهة، ما يحتاج إلى إعادة نظر في التوجه، وبلورة (أصول) وقواعد لإبراز هذه الوسيلة المختطف بها أحد الأدوات التي يجيدها الإسلاميون وهي اللغة والحَكْي.


التعليقات