حينما يطول أمد الصراع ، ويبدأ اليأس يتسلل إلى بعض القلوب ، وتجد الشكوك طريقها إلى ساحة النفوس ، وتتسرب من بين الأيادي ما كانت تحمله من آمال ، يلجأ البعض إلى البحث عن أي حل ، واللهث وراء كل صيحه ، حينها قد تنحرف البوصلة ، ويعتبر الخروج من النفق المظلم مكسب ولو في أي اتجاه ، واقتحام أي نور نجاه ولو كان نور نار محرقة .
تحت وطأة وضغط الواقع يطرح التنازل عن المبادئ كخيار متاح ، بل قد يؤصل له تحت شعارات الضرورة ، وانقاذ ما يمكن انقاذه . وفي الحقيقة إن كثيرا ما يجخ الناس في هذا الاتجاه ويكون تقديرهم للواقع أصلا خاطئ ، كما كانت طريقتهم في التعامل معه خاطئة .
العديد من التجارب الفاشلة تكون عندما لا يدرك الناس أنهم كانوا أقرب ما يكون للنجاح عندما قرروا الاستسلام .
كثيرا ما يحكم الناس على المعركة أنها انتهت ، فيفضوا أيديهم منها ، وينفضوا عنهم غبارها ، وينشغلوا بتضميد الجراح ، والحقيقة أن المعركة لم تكن قد انتهت بعد ، فانتهاء أي معركة مرهون باستسلام أحد أطرافها أو فنائه .
المعركة قد تكون أصعب عندما يكون الزمن جزء من معادلة الصراع ، وحينها فإن الأقرب إلى الفوز ليس هو الأقوى بقدر من هو الأقدر على الصبر .
البعض متأزم من الجمود في الفعل الثوري ، لكن لم يلحظ أن الجمود اللحظي في الفعل يصاحبه تسارع في حركة الواقع لصالح الثورة لا ضدها فإن كان هناك جمود في الفعل فهناك تسارع في الحركة.
الفعل الثوري أدى إلى الدفع بالخصم إلى حافة الهاوية ، لكنه توقف عند هذه النقطة ، فإن كان الفعل اليوم أصابه الجمود إلا أن حركة الخصم متسارعة أثناء السقوط نحو الهاوية . بل إن الخصم اليوم فقد أي زمام يكبح به جماح تدحرجه وهويه في قعر الخراب.
أخيرا من يقبل التنازل عن مبادئه في سبيل إزاحة خصومه ، فإنه يجني نصرا بطعم الهزيمة ، بل هزيمة في ثوب نصر.
التعليقات