أسس لترشيد الحركة وحماية المنهج ( 1)
لابد لقيادة الدعوة أن تكون معروفة التاريخ غير مجهولة، مجربة وممتحنة مشهود لها بالخيرية
فكل الأنبياء خرجوا من أواسط قومهم ، معروف حالهم ونسبهم ” قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ” ” ولولا رهطك لرجمناك “
ومحمد صل الله عليه وسلم من أواسط قريش ، ومعروف عندهم بالصدق و الأمانة ، لذلك كان من إنكار الله على الكفار في عدم اتباعهم للرسول أنه معروف عندهم نسبا وحسبا ” أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون “ . فجهالة حال الداعين قد يكون مسوغا معتبرا لرد دعوته، ومعرفته من ضرورات صحة الدعوة.
من جهة أخرى لابد لصاحب الدعوة أن يكون مشهودا له بالخيرية، فلم تحولهم الرسالة إلى قدسين فجأة ” إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”
وداود عليه السلام يقدم لقيادة بني إسرائيل حتى كان جنديا في جيش جالوت وتجاوز الاختبارات العديدة ، وأبلي في المعركة بلا حسنا ” فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يشاء”
فلا يصلح ابدأ أن تنزل علينا القيادة عن طريق الإنزال بالمظلات، ولا يصلح أن يخرج فجأة من سرداب من هو مغمور لا تاريخ له وليس له سابقة عمل أو فضل.
وفي هذا النهج في التعامل مع القيادة الوافدة حماية من الاختراق القيمي
وضمانة لسلامة المنهج و المسير .
2- الحركة التي تتسم بالغلو الفكري أو الحركي أمامها خياران:
إما أن تتجاوز هذا الغلو، وتتخلص من الشطط الفكري / فتندمج مع الوسط المحيط، وتنجح في التأثير فيه. وعلى سبيل المثال دولة الموحدين ومنهج ابن تومرت، حيث تخلص زعماء دولة الموحدين من منهج المؤسس الذي كان فيه غلو ظاهر أ واستطاعوا أن يستوعبوا الناس داخل دولتهم، فترسخت الدولة وتحددت.
وإما أن تندثر فيكون سرعان ذهابها كسرعة قيامها، حال كثير من التجارب و الدعوات التي فيها شطط قامت في تاريخ الأمة ثم اندثرت ” كدعوة الزنادقة و الباطنية و الخوارج ودولة بن حمدان” . فهذه الدعوات أو الحركات أو الدول لا يمكن أن تستمر وتكمل مسيرها في وسط معاير يصعب عليها تبني هذا المنهج الغالي وقبول هذا التشدد . فهذه الدعوة لن تستطيع أن تقولب الأمة في قالبها الضيق، كما أن الأمة يصعب عليها أن تستوعبها أو تتقبلها بل لابد أن تلفظها.
و لترشيد الحركة وحماية المنهج ( 3)
في حين أن فريق من فقهاء العراق ” أبو حنيفة” وفقهاء المدينة مالك كانوا يؤيدون الماوردي في الأحكام السلطانية بجواز استخلاف السلطان أبناءه، ويجعلها طريقة شرعية من طرق انعقاد الإمامة متأثر بذلك الواقع السياسي الفروض
وفي الحركة الإسلامية المعاصرة نجد أنه تشيخ اختيارات معينة لبعض مسائل الاجتهاد في النوازل المعاصرة في طوائف من أبناء الحركة الإسلامية دون الأخرى , فإن كان غالبية التيار( السياسي ) يرى جواز استخدام أليات الديمقراطية ودخول الانتخابات في ظل منظومة جاهلية ، فإن غالبية التيار الجهادي يمنع من ذلك . وهذا التمايز بين الفريقين في هذه المسألة الخلافية لا يرجع بصورة كاملة لقناعات شرعية أكثر من كونها أثر للبيئة الفكرية المحيطة والطبيعة النفسية والنمط العقلي الغالب في كل فريق
إن فضل تأثير البيئة الاجتماعية والمدرسة الفقهية أو الفكرية والظروف السياسية والموطن الجغرافي والطبيعة التضاريسية بل وحتى الجانب النفسي عن اختيارات الفقه لا يصح، وسيكون من المفيد إدخال هذه الاعتبارات عند مناقشة الاختلافات في الاجتهادات الفقهية .
التعليقات