بعد أن وصل إسلامي إلى سدة الرئاسة في مصر، لم تنته الإشكالات والتساؤلات، بل تفجر بعضها واستمر بعضها بصورة أخرى .. فهناك جيش له قياداته القديمة من أيام المخلوع مبارك، وهناك داخلية لها ثأرها مع الإسلاميين خصوصا ومع الثوار عموما، وهناك مال وإعلام لايزال بيد عصابة النظام القديم، وهناك علمانيون مدعومون خارجيا لهم صوتهم العالي، وهناك نصارى يمثلون كتلة طائفية مؤثرة على المشهد، وهناك موروث من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي طال مكثها في الشعب .. وهكذا ..
فهل كانت الحركة الإسلامية .. متفقة على توصيف الواقع ؟ أو على طريقة إدارة العلاقة بأطرافه ؟.. وهل كانت محسنة لكن المعوقات والمؤامرات كانت أكبر منها ؟ أم أنها أخطأت وتدفع ثمن أخطائها ؟
• أقسام الحركة الإسلامية تجاه الواقع ( توصيفا / تعاملا ) :
أولا : التيار الإسلامي الثوري، والذي تجمع خلف أ.حازم أبو إسماعيل كمرشح رئاسي، وبرزت فيه الجبهة السلفية كـتكتل سلفي ثوري، وأفراد مميزون ومجموعات متنوعة .. كلهم ظهروا في محطات الثورة المختلفة.
تميز هذا التيار بثلاثة محاور :
1- تجاه المجتمع، علم أنه الحاضنة الحقيقية للثورة، فانحاز إلى حقوقه، ورفض كل صور إعادة الظلم عليه، وحرص على إذكاء الحالة الثورية فيه ليحرس ثورة بدأت .. ولم تنته [كمثال: فعاليات محمد محمود].
2- تجاه بقايا دولة المخلوع، من عسكر وداخلية وفلول رسميين وإعلاميين وشعبيين، علم أنهم الخصوم الحقيقيون للثورة، وأن الصراع ممتد معهم، فتم التحذير منهم، والمطالبة بتطهير كل أماكن التأثير منهم، مع الضغط عليهم بالفعاليات الثورية الشعبية [كمثال: جمعة المطلب الوحيد].
3- تجاه القيادات الإسلامية التي حازت الرئاسة والأغلبية، علموا أنهم صاروا على واجهة الاشتباك، والمقصود كل الإسلاميين بل كل من ثاروا على المخلوع، فنصحوا لهم بكل سبيل ممكن، وعارضوهم برشد، ودعموهم بأخوة ووعي [كمثال: الموقف من دستور 2012، وفعاليات مدينة الإنتاج الإعلامي مقابل أحداث الاتحادية].
فهل كانت الحركة الإسلامية .. متفقة على توصيف الواقع ؟ أو على طريقة إدارة العلاقة بأطرافه ؟.. وهل كانت محسنة لكن المعوقات والمؤامرات كانت أكبر منها ؟ أم أنها أخطأت وتدفع ثمن أخطائها ؟
ثانيا : التيار الإسلامي التقليدي، والذي مثلته القيادات القديمة لجماعة الإخوان المسلمين، ومن انحازوا إلى خياراتهم من القيادات السلفية بالقاهرة، ومن دار في هذا الفلك. وهؤلاء مثلوا ثقلا طبيعيا للحركة الإسلامية في هذه المرحلة، كامتداد لما سبقها من مراحل.
تميز هذا التيار بثلاثة محاور :
1- مبالغته في تقدير دور الخارج، وبالتالي راعى ممثلي الخارج داخليا، وقامت سياسته معهم على الاسترضاء [كمثال: مراعاة العلمانيين والطائفيين في الهيئة التأسيسية لدستور 2012].
2- حاول تجاوز معركة الثورة سريعا، لتقليل الثمن المدفوع فيها بقدر الإمكان، فقامت سياسته مع خصوم الثورة على الاحتواء، وعلى التدرج طويل النفس في الاستبدال. وعلى الرضا بما يتاح من المكاسب الهشة، أملا في تأجيل الصراع مع القوة الصلبة لنظام مبارك [كمثال: التعامل مع ملفات الداخلية والقضاء والإعلام].
3- الثقة المفرطة في القيادات العسكرية، والانخداع بكلامهم الذي يشهد تاريخهم وواقعهم بخلافه [كمثال: ثقتهم في تطميناتهم أثناء جمعة 29/7 ، وتصديق دعاواهم ضد الثوار أيام محمد محمود].
ثالثا : الاختراق الأمني للتيار الإسلامي، وهؤلاء انحصر دورهم كالعادة في تفريق الصف الإسلامي. وتكريس العداوة لأهله، مع إبداء اللين والانحياز لخصومه. والوجود دائما في صف القوة العسكرية والأمنية، مع التخذيل عن أي مناهضة لهم .. فهؤلاء في الحقيقة، ليسوا من التيار الإسلامي، وإن نُسِبوا إليه زورا.
والحاصل .. إن التيار الإسلامي لم يتفق على توصيف الواقع، ولا على كيفية إدارة العلاقة معه. وهذا مما أثر على المشهد .. حتى وقع الانقلاب.
وللحديث بقية ،
التعليقات