بداية ، أقرر أن للانتحار الدعوي صورا متنوعة ، مع أنها ذات حقائق متقاربة . وإن كان كل من التنوع أو التقارب لا يقلل من فداحة جريمة قتل النفس …
فالداعية حين يتشاغل عن قضايا الأمة المصيرية ، كالخلافة الغائبة ، والشريعة المحاربة ، والمقدسات المحتلة ، والثغور الملتهبة ، وغيرها من النوازل الكبرى … ويرضى فقط باللعب في حدود المسموح به والآمن ، كقصة رقيقة ، وموعظة لطيفة ، وقضية وهمية يحارب فيها أعداء منقرضين ، أو أطلال أعداء لا يمثلون التحدي الأخطر على الأمة حاليا ، ونحوها …
ألا يمارس انتحارا دعويا …؟!
والداعية حين لا يكون صوتا للحق ، ونصرة للمظلوم … بل ينتقل ليكون تشويشا على الحق ، ولو بتدليس هو دون الكذب الصريح . وينتقل إلى تسويغ ظلم ، ولو بأوهى تأويل . ويهمل المظلوم في أحسن أحواله ، ويجلده في أسوئها . حين يفعل ذلك …
ألا يمارس انتحارا دعويا …؟!
والداعية حين يغير المواقف والمبادئ الشرعية الثابتة ، ليتواءم مع أوضاع جديدة، ربما تكون قهرا يغل اليد ، وربما تكون مكتسبات توضع في اليد . فيتحرك البدن واللسان ليكون في صف عدو للإسلام ، يسبغ عليه شرعية مدعاة . بينما هو يطعن في نسبة الشرعية لأصحابها الأصليين ، الذين هم أحق بها وأهلها . ويوهم غيره أو يتوهم في نفسه ، أن قلبه في صف أهل الإيمان . لكنها حكمة الكبار ، ومصالح الصغار ، هي التي صنعت تلك الازدواجية – كما يظنها – . حين يتغير هكذا …
التعليقات