تتسم علاقة وزارة الدفاع الأمريكية بالجيش المصري بأبعاد استراتيجية بغض النظر عن العلاقات السياسية بين النظام الحاكم في مصر والإدارة الأمريكية، سواء أكان يشوبها التوتر مثلما كان الوضع بين السيسي وأوباما أو كانت تتسم بالأريحية مثلما الوضع مع ترامب.
أجاب ديمبسي قائلا: مصر هي إحدى ركائز الإستقرار في المنطقة، وأكد على أن استثمار الولايات المتحدة في علاقتها بالمؤسسة العسكرية المصرية هو استثمار جيد للغاية، وله تأثيره الواضح في الحفاظ على الإستقرار والأمان.
تلك العلاقة العسكرية الراسخة مع البنتاجون تقوم على اعتبار أن الجيش المصري صمام أمان للاستقرار بالمنطقة، وحصن منيع ضد التطرف. فمصر يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة، وتقع ضمن أراضيها قناة السويس التي تمر عبرها 7.5% من التجارة البحرية في العالم سنوياً. ولها حدود مشتركة مع الكيان الصهيوني وقطاع غزة. وتتميز بثقل سياسي وديني عربي وإسلامي حيث يقع بها مقر الجامعة العربية، وجامعة الأزهر.
ففي جلسة استماع عقدتها لجنة الدفاع الفرعية المنبثقة عن لجنة المخصصات بمجلس النواب الامريكى في 17 إبريل 2013، سألت النائبة الجمهورية كاي جرانجر الجنرال مارتين ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية عما إذا كانت المؤسسة العسكرية في مصر لاعب مستقل يمكن الإعتماد عليه في ضوء أجواء الإضطرابات التي تمر بها مصر آنذاك، فأجاب ديمبسي قائلا: مصر هي إحدى ركائز الإستقرار في المنطقة، وأكد على أن استثمار الولايات المتحدة في علاقتها بالمؤسسة العسكرية المصرية هو استثمار جيد للغاية، وله تأثيره الواضح في الحفاظ على الإستقرار والأمان. وكذلك أكد وزير الخارجية كيري أثناء جلسة الاستماع مع ذات اللجنة أن أحد أهم استثمارات الولايات المتحدة الأمريكية مع مصر تتمثل في علاقتها بالمؤسسة العسكرية منذ أكثر من 30 عاماً. وأكد تمتع المؤسسة العسكرية المصرية بالدراية الكاملة بطبيعة العلاقة مع واشنطن في ضوء تلقي العديد من جنرالات الجيش للتدريب والدراسة في الولايات المتحدة مما سمح للإدارة الأمريكية أن تحافظ على اتصال لا ينقطع مع المؤسسة العسكرية أثناء الأزمات. وأضاف كيري أثناء جلسة استماع عقدت في 18 إبريل 2013 أمام اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية والمنبثقة عن لجنة المخصصات في مجلس النواب الأمريكي: إن الجيش المصري يقف كحصن منيع ضد التطرف بالمنطقة.
تتسلم مصر الجزء الأكبر من أموال المساعدات الخارجية من ثلاثة حسابات رئيسية: برنامج المساعدات العسكرية (FMF)، وبرنامج المساعدات الاقتصادية (ESF)، وبرنامج التدريب والتعليم العسكري الدولي (IMET).
وكذلك يقدم الجيش المصري عدة تسهيلات توفر ميزة استرتيجية للقوات الأميركية المنتشرة في البحر المتوسط والخليج العربي، والمحيط الهندي، مما يساعدها على القيام بعمليات يعد الوقت عنصراَ هاما فيها، ومن تلك التسهيلات:
أـ إعطاء أسبقية المرور فى قناة السويس للسفن الحربية الأمريكية مع توفير إجراءات الحماية لها أثناء العبور، علما بأن القانون المصري ينص على إعطاء مهلة 30 يوما قبل التصديق على عبور قناة السويس إلا أن مصر تسمح بمرور السفن الأمريكية خلال 24 ساعة إلى 48 ساعة من إخطارها بطلب العبور .
ب- التصديق على المرور الجوى للطائرات الحربية الأمريكية في المجال الجوي المصري.
بالمقابل تقدم أميركا مساعدات عسكرية سنوية إلى مصر بغرض تأمين الحدود، ومكافحة تهريب السلاح عبر الأنفاق إلى غزة، وضمان الأمن في سيناء، كما توفر قطع الغيار اللازمة للمعدات العسكرية المصرية، وتقدم التدريب والتعليم العسكري لضباط الجيش المصري لضمان توفير قيم مشتركة وتواصل مستمر بين القيادات العسكرية فى الجانبين.
لا تدفع أميركا المساعدات على هيئة نقود إنما تكون على هيئة تمويل للأسلحة والخدمات المقدمة من مقاولي وزارة الدفاع الامريكية..
وفي هذا الإطار زودت الولايات المتحدة مصر بأكثر من 83 مليار دولار أميركي كمساعدات ثنائية منذ عام 1946 حتى 2018، ومن ضمنهم 1,3 مليار دولار تقدمهم أميركا سنويا كمساعدات عسكرية منذ عام 1987. وقد بدأ تقديم المساعدات العسكرية الأمريكية إلى مصر تحديدا بعد عقد اتفاقية كامب ديفيد، حيث كتب وزير الدفاع الأمريكي السابق هارولد براون في رسالة إلى نظيره المصري في 23 مارس 1979 قائلا (في سياق معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فإن الولايات المتحدة على استعداد للدخول في علاقة أمنية موسعة مع مصر فيما يتعلق بمبيعات المعدات والخدمات العسكرية وتمويل جزء من تلك المبيعات على الأقل بشرط موافقة الكونغرس).
تتسلم مصر الجزء الأكبر من أموال المساعدات الخارجية من ثلاثة حسابات رئيسية: برنامج المساعدات العسكرية (FMF)، وبرنامج المساعدات الاقتصادية (ESF)، وبرنامج التدريب والتعليم العسكري الدولي (IMET). ولا تدفع أميركا المساعدات على هيئة نقود إنما تكون على هيئة تمويل للأسلحة والخدمات المقدمة من مقاولي وزارة الدفاع الامريكية، من قبيل تمويل صفقات شراء طائرات إف 16 ومروحيات الأباتشي. ومن ضمن آخر العمليات في هذا السياق إخطار وزارة الدفاع الأمريكية للكونغرس في نوفمبر 2018 ببيع معدات دفاعية لمصر بقيمة مليار دولار.
وتوزع المساعدات العسكرية الأميركية وفق البنود التالية، 39٪ لتطوير أنظمة التسليح الموجودة، و 34٪ لمتابعة عقود الصيانة والدعم الفني للمعدات الأمريكية المستخدمة بالجيش المصري، و27٪ لإجراء تعاقدات جديدة. وقد بلغت نسبة المساعدات الأميركية نحو 31 ٪ من إجمالي الإنفاق على الدفاع في مصر في عام 2012 وفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS).
يتضح أن التعاون العسكري بين الجيشين الأميركي والمصري يكفل لأميركا تواصل مباشر مع قيادة المؤسسة العسكرية المصرية، فضلا عن حيازة أدوات ضغط تتضمن خفض أو تأجيل المعونات، والتحكم في الإمداد بقطع الغيار..
وكذلك يستفيد الجيش المصري من برنامج وكالة التعاون الأمني الدفاعي المدعو برنامج منح المعدات الدفاعية الزائدة EDA (للتخلص من فائض الأسلحة بالجيش الأميركي) الذي يمكّن الولايات المتحدة من تخفيض مخزونها من المعدات التي عفا عليها الزمن من خلال تزويد البلدان الصديقة بالإمدادات اللازمة إما بأسعار مخفضة أو بدون رسوم. وفي عام 2016 ورد الجيش الأميركي 453 سيارة مقاومة للألغام (MRAP) من بين 762 سيارة اتخذ قرار في عام 2015 بتسليمها إلى الجيش المصري.
وجدير بالذكر أنه بموجب القانون الأميركي، يتعين على الإدارة الأميركية أن تقدم تقريرا إلى الكونجرس يؤكد ان مبيعاتها لمعدات الدفاع الامريكية للدول الصديقة في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر، لا يقوض التفوق النوعي العسكري لإسرائيل على الجيوش المجاورة.
ومما سبق يتضح أن التعاون العسكري بين الجيشين الأميركي والمصري يكفل لأميركا تواصل مباشر مع قيادة المؤسسة العسكرية المصرية، فضلا عن حيازة أدوات ضغط تتضمن خفض أو تأجيل المعونات، والتحكم في الإمداد بقطع الغيار، ونوعية التسليح بما يكفل ضمان التفوق العسكري الإسرائيلي، ويقوض من قدرة أي نظام حكم مدني على معارضة السياسات الأميركية بالمنطقة.
التعليقات