لكي نستطيع فهم وتحليل مسألة الإقالة المفاجئة لرئيس الأركان محمود حجازي واستبداله بحجازي آخر -بل ولفهم أية ظاهرة أخرى؛ لا بد من:
- الجمع بين أطراف الأدلة المؤدية إليها
- ترتيب الأحداث وتحديد مقاصدها ابتداء
- اطراد هذه الأهداف والمقاصد وعدم العدول عنها إلا لمؤثر موضوعي، ويكون ذلك صحيحاً وفق قواعد النظر التجريبية والمنطقية؛ بتحديد المتغيرات الداخلية والخارجية والحقيقة منها والظاهرية او المفهومة
وبالتالي يمكننا الوصول لرؤية واضحة عبر اطراح أو قبول السيناريوهات المطروحة كتفسير أو تصور صحيح دون اعتساف أو تحكم.
الإقالة الحجازية تؤكد طبيعة السيسي كقائد ناعم الملمس لا يعرف الرحمة ولا يحفظ معروفاً لأحد.
فمحمود حجازي عُين كرئيس للأركان؛ في إطار ترتيبات تنصيب السيسي رئيساً، وكنوع من التوازن الضروري في مقابل كفة صدقي صبحي وزيراً للدفاع وبحصانة تخصم من رصيد السيطرة الكاملة للسيسي كشخص مهووس بالتسلط والسيطرة الكاملة!!
هذه مسلمة مبدئية لابد من حفظها جيداً في جميع الخطوات المنطقية والفكرية للتعامل مع الأحداث المبنية عليها.
بدا حجازي المُقال منذ تعيينه؛ كالذراع القوية للسيسي؛ فهو في منصب رئيس الأركان -وهو الأخطر من منصب وزير الدفاع بل ورئيس الجمهورية نفسه- كما أنه مهندس عملية ليبيا وعراب تحالف السيسي-حفتر، وهو فضلاً عن كونه صهر السيسي فإنه القائد السابق للمنطقة الغربية العسكرية ثم مدير المخابرات الحربية فترة ما بعد الانقلاب.
تمت إقالة حجازي على خلفية أحداث الواحات الرهيبة وليست بمعزل عنها بدليل إقالة إثنتي عشرة قيادة أمنية من بينها مدير الأمن الوطني ومدير أمن الجيزة، فليست الإقالة لتجهيزه لمنصب أعلى بكل تأكيد إذ جاءت في سياق عقابي للتقصير الظاهر والتخبط؛ في دعم حملة الواحات الأمنية المُبادة عن بكرة أبيها، وكذلك في عملية الإنقاذ التي لم تنقذ أحداً اللهم إلا من تركته المجموعة المهاجمة أصلاً، فهؤلاء أنقذتهم أقدارهم لا القوة التي تحركت بعد مضي ليلة كاملة!!
الإقالة الحجازية تؤكد طبيعة السيسي كقائد ناعم الملمس لا يعرف الرحمة ولا يحفظ معروفاً لأحد، كما تؤكد على اعتناقه كتاب الأمير لميكافيلي -وهو المقدس عند الطغاة- والذي ينص في قواعده لفهم الحكم على تقديره للقائد الروماني روميلوس في قتل أخيه لكي لا يهدد عرشه!
وذلك رغم أن السيسي ومجلسه العسكري ربما لم يقرأوا كتاباً كاملاً في حياتهم لا لميكافيلي ولا لغيره، لكنها أحجية الحكم كما يعرفها المستكبرون، إذ ربما يتخلصون من أقرب اصدقائهم قبل اقرب أعدائهم!
الإقالة تؤكد على لوم قيادة الجيش دون القدرة -ولو مؤقتاً- على المساس بصدقي صبحي، ولكن ذلك لا يعني بقاءه واستعصائه على الإقالة وإنما يعني صعوبتها فقط وأنها لن تكون أمراً سهلاً بكل تأكيد، وعلى أية حال فإن إقالة حجازي هي خلخلة حقيقية في الكتلة العسكرية الحاكمة.
وتبقى ملحوظة أخرى شكلية؛ وهي أن استبدال حجازي بحجازي آخر ربما تعني أن كل من في الحظيرة هو حجازي وحجازي وابن ستين حجازي، وإن كانوا لا يستحقون شرف النسبة.
التعليقات