في سورة الفيل إشارة لم ألتفت إليها إلا بعد قراءتي لتفسير ابن كثير.. لكن قبل سرد ما قاله الإمام ابن كثير أود التذكير بأن السورة عبارة عن خطاب من رب العزة لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي كان في جهاد بالقرآن مع قومه المكذبين المعاندين فإذا بربه (الذي يدافع عنه وعن المؤمنين في كل زمان ومكان) يذكره بسنته التي أجراها مع الملك النصراني أبرهة صاحب القوة الغاشمة التي لا قبل لأحد على الوقوف أمامها (الفيل)، فقد أحبط كيده وأهلك جنده..
فإن قيل: (ونعمة بالله.. لكننا لا نستحق نصرة الله) جاءك كلام الإمام ابن كثير ليجلي لك الحقيقة، يقول الإمام: (هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش، فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود، فأبادهم الله، وأرغم آنافهم، وخيب سعيهم، وأضل عملهم، وَرَدهم بشر خيبة. وكانوا قوما نصارى، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان. ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال، ولسان حال القدر يقول: لم ننصركم -يا معشر قريش-على الحبشة لخيريتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد، صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء).
لقد كان أبرهة كافرا نصرانيا ولكنه كان أقرب حالا من وثنية قريش، ومن ثم نصر الله لقريش على أبرهة لم يكن لخيريتهم على أبرهة وجنده وإنما لسببين:
الأول: لسوء مكرهم وكيدهم، وسنة الله ماضية بقوله: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ).
الثاني: حماية لبيته وتمهيدا لبعثة نبيه أي تمهيدا لأرض قريش لتستقبل دين الحق وشريعة السماء .
وكلا السببين تحققا في واقع مصر والشام ويضاف إليهما خيرية من ضحوا بالنفس والنفيس على أصحاب الفيل في عصرنا.. ومن ثم فمن يقرأ سنن الله ويعرف أسماء الله وصفاته يوقن أن الله يكيد لهم وأنه يقينا سيجعل كيدهم في تضليل في الدنيا قبل الآخرة.. ومن ثم نقول لهم كما أمر ربنا: (قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)..
التعليقات