بينما أتابع مستجدات الأسبوع يظل خبر ترحيل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مع عائلاتهم من معاقلهم في القلمون في قوافل أتوبيسات عقب اتفاق مع حزب الله والنظام السوري يقضي بخروجهم إلى أماكن أخرى من الأخبار الملفتة للغاية.
نابليون كان جنرالا عسكريا بارعا، ولكنه ضعيف استراتيجيا إذ لم يوازن بين خبرته العسكرية وطموحه السياسي، ولم يملك حسن التقدير للحدود السياسية التي يمكنه في إطارها توظيف كفاءته العسكرية.
فالمتحدث السابق باسم التنظيم “العدناني” تكلم في آواخر كلماته بحدة عن عدم مشروعية الانسحاب من أي أرض يسيطر عليها التنظيم، وقال أنهم سيقاتلون العالم أجمع للنهاية، وسابقا ندد أنصار التنظيم والمتعاطفون معه بالباصات الخضراء التي أقلت عددا من الثوار أثناء انسحابهم من بعض المدن برعاية دولية، ثم هاهم اليوم اضطروا لفعل نفس ما كان محل سخريتهم سابقا.
فهذا الحادث ينبغي ألا يمرره أنصار التنظيم دون مراجعة وتأمل له، ولتجربتهم عموما، وأسباب ما آلت إليه الأن بعد أن كان العدناني من سنتين فقط يخير أميركا بين دفع الجزية أو نيل نصيبها من غضب التنظيم وبطشه!!
بالتوازي مع قراءة الخبر أعلاه قرأت كتاب (الاستراتيجية العسكرية – سياسة واسلوب الحرب) لجون ستون والذي دونه في سياق دراسة أسباب الإخفاق الاستراتيجي الأميركي في العراق وأفغانستان في عهد بوش.
عرض المؤلف في الكتاب أبرز الاستراتيجيات العسكرية الغربية في العصر الحديث وسياقات تطورها، وأكد أن كفة تكاليف الحرب عندما تكون أكبر من كفة فوائد النصر تكون الحرب غير مجدية، وذكر أن نابليون كان جنرالا عسكريا بارعا، ولكنه ضعيف استراتيجيا إذ لم يوازن بين خبرته العسكرية وطموحه السياسي، ولم يملك حسن التقدير للحدود السياسية التي يمكنه في إطارها توظيف كفاءته العسكرية.
أعتى الدول التي تملك ترسانات ضخمة من الأسلحة واقتصاد قوي تدرك عدم جدوى القوة العسكرية بمفردها في الحروب، وأهمية تقليل عدد الخصوم، وسحب البساط من تحت أرجلهم، وعزلهم عن مجتمعاتهم كي يتسنى لها القضاء عليهم.
وأكد المؤلف أن التقدم العسكري والتقني والفني الأميركي واستراتيجية (الصدمة والرعب) أمور لم تكف لانقاذ أميركا من الغرق في المستنقعين العراقي والأفغاني نظرا لجهل أميركا بطبيعة المكونات الاجتماعية للبيئة التي عملت خلالها، مما دفع إلى مراجعة الاستراتيجية الأمريكية المطبقة في البلدين والتركيز على فهم المجتمع ومكوناته والتعاون مع بعضها من أجل تحديد الخصوم بدقة وعزلهم قدر الإمكان عن محيطهم الاجتماعي وتوجيه ضربات قاسية لهم.
الشاهد أن أعتى الدول التي تملك ترسانات ضخمة من الأسلحة واقتصاد قوي تدرك عدم جدوى القوة العسكرية بمفردها في الحروب، وأهمية تقليل عدد الخصوم، وسحب البساط من تحت أرجلهم، وعزلهم عن مجتمعاتهم كي يتسنى لها القضاء عليهم.
التعليقات