أعتقد أن الكثير ينتظر مني تعليقا على الأحداث الجارية المتلاطمة الأمواج، ليصوب أو يخطأ أو يصنف أو حتى ليهتدي بها في دروب الرأي المهلكة… ولكن عذرا.. ساعة وساعة.. فقد أبصرت في الأيام الماضية سرًا من أسرار هذا الدين، وبابًا من أبواب الإيمان، أرشد إليه المولى عز وجل الكفار قبل المؤمنين فقال: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا).. إنه التفكر.. عبادة أولي الألباب المؤمنين ..(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَابَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) .. والسؤال الذي يطرح نفسه عليك أخي القارئ: هل خلوت بنفسك يوما، أو ناجيت رفيقا لك في أمر الكون، والوجود، والحياة، والمصير؟ الكون.. كيف خُلق، ومن خلقه، ولماذا خلقه؟ والوجود.. وجودك أنت.. هل تدبرت قوله تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا).. ألم يكن في قدر الله وقدرته ألا تكون اصلًا؟ إنها نعمة الخلق إذن؛ فأعظم بها من نعمة! والحياة.. النعمة الكبرى بعد الخلق.. ألم يكن ممكنًا أن تكون جمادًا؟ ثم إنها حياة الروح.. أكبر هبة إلهية للإنسان! إنها تأملات تملأ القلب رهبة تجاه الخالق العظيم المالك لكل شيء لا يجد اللسان معها إلا أن يبتهل إلى مولاه: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). ولكنها رهبة ممزوجة بحب عبد وقع أسير جمال الإحسان الرباني.. إنها عبودية المحبة والامتنان والشكر إزاء ذلك الإحسان.. ولكن أنى لعبد أن يشكر نعمة أكبر من أن تحصى أوتحصر؟ هنا يمتلك القلب الشعور بالعجز والذلة والخضوع التام؛ وتلك هي.. (لا إله إلا الله)..
التعليقات